الأمم المتحدة تدين اقتحام إسرائيل لمقر الأونروا في القدس الشرقية وتحذر من سابقة خطيرة
جاري التحميل...

الأمم المتحدة تدين اقتحام إسرائيل لمقر الأونروا في القدس الشرقية وتحذر من سابقة خطيرة

الأمم المتحدة تدين اقتحام إسرائيل لمقر الأونروا في القدس الشرقية وتحذر من سابقة خطيرة
أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشدة اقتحام إسرائيل لمجمع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس الشرقية، واصفاً إياه بأنه انتهاك صارخ لحصانة الأمم المتحدة. وقد أثار هذا الحادث موجة من الإدانات الدولية ومخاوف جدية بشأن مستقبل العمل الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد بررت السلطات الإسرائيلية هذا الاقتحام بزعم أن الهدف منه كان تحصيل ضرائب غير مدفوعة بقيمة 3.4 مليون دولار. إلا أن الأونروا رفضت هذه المزاعم بشدة، مؤكدة أن جميع ممتلكاتها وأصولها تتمتع بالحصانة بموجب القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة مع الأمم المتحدة، وأن أي محاولة لفرض ضرائب عليها أو اقتحام منشآتها يعد انتهاكاً واضحاً لهذه الحصانة.
انتهاك صارخ للقانون الدولي وحصانة الأمم المتحدة
يُعد اقتحام منشآت الأمم المتحدة، بما في ذلك مكاتب الأونروا، انتهاكاً مباشراً لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946، التي تضمن حماية ممتلكات وموظفي المنظمة الدولية. هذه الحصانة ضرورية لضمان قدرة المنظمات الإنسانية على أداء مهامها دون تدخل أو ترهيب من الدول المضيفة أو المحتلة. إن المساس بهذه الحصانة يقوض المبادئ الأساسية للعمل الإنساني ويضع سابقة خطيرة قد تؤثر على جميع البعثات الأممية حول العالم.
وأكدت الأونروا أن هذا العمل يشكل "سابقة خطيرة" قد تفتح الباب أمام انتهاكات مماثلة في المستقبل، مما يعرض للخطر قدرة الوكالة وغيرها من المنظمات الدولية على تقديم المساعدات الحيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين. فالأونروا تقدم خدمات أساسية تشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية لأكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، وتعتبر شريان حياة لمجتمعات بأكملها تعتمد كلياً على دعمها.
تداعيات الاقتحام على العمل الإنساني
إن تداعيات هذا الاقتحام تتجاوز مجرد الجانب المالي أو القانوني. فهي تبعث برسالة مقلقة حول مدى احترام إسرائيل للقانون الدولي والمنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة. في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون، وخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية، فإن أي عرقلة لعمل الأونروا يمكن أن تكون كارثية وتؤدي إلى تفاقم المعاناة الإنسانية.
كما أن هذا الحادث يأتي في سياق حملة إسرائيلية متزايدة ضد الأونروا، حيث تسعى إسرائيل منذ سنوات إلى تقويض دور الوكالة وإنهاء ولايتها، بدعوى أنها "تُديم" مشكلة اللاجئين بدلاً من حلها. هذه المزاعم مرفوضة دولياً، حيث تؤكد الأمم المتحدة أن ولاية الأونروا ستستمر طالما لم يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن الوكالة لا تزال ضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين.
دعوات دولية لاحترام القانون
دعت العديد من الدول والمنظمات الدولية إسرائيل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي وضمان سلامة وحصانة منشآت الأمم المتحدة وموظفيها. وأكدت هذه الدعوات على أهمية السماح للأونروا بمواصلة عملها الحيوي دون عوائق، خاصة في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة في المنطقة. كما طالبت بضرورة إجراء تحقيق شامل في الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه لضمان عدم تكراره.
إن الحفاظ على حصانة المنظمات الدولية ليس مجرد مسألة إجرائية، بل هو مبدأ أساسي يضمن قدرتها على العمل بشكل مستقل وحيادي في مناطق النزاع، وتقديم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها. ويجب على المجتمع الدولي أن يضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات للحفاظ على مصداقية القانون الدولي وحماية العمل الإنساني الذي لا غنى عنه في مناطق الصراع.
