استقالة المستشارة القانونية العسكرية الإسرائيلية العليا على خلفية اتهامات بسوء معاملة معتقلين فلسطينيين
جاري التحميل...

استقالة المستشارة القانونية العسكرية الإسرائيلية العليا على خلفية اتهامات بسوء معاملة معتقلين فلسطينيين
حتى يوم الأربعاء الموافق 29 أكتوبر، كانت يفعات تومر-يروشالمي هي المستشارة القانونية العسكرية الإسرائيلية الرئيسية، وبالتالي كانت مكلفة بمهمة حساسة بشكل خاص: ضمان سيادة القانون داخل القوات المسلحة. لكن قضية تتعلق باتهامات بالاعتداء على معتقلين فلسطينيين في مركز احتجاز عسكري أدت إلى استقالتها بعد يومين.
لفهم هذه القضية المتشعبة، يجب العودة إلى يوليو 2024، عندما فتحت السلطات القانونية في الجيش الإسرائيلي تحقيقًا يستهدف جنودًا يشتبه في اعتدائهم على معتقلين فلسطينيين في منشأة احتجاز تابعة للجيش الإسرائيلي. وقد كشفت التقارير الأولية عن شهادات مروعة من المعتقلين السابقين، تفيد بتعرضهم للضرب المبرح وسوء المعاملة أثناء استجوابهم واحتجازهم. هذه الاتهامات أثارت قلقًا واسعًا داخل الأوساط القانونية والعسكرية، ودفعت إلى فتح تحقيق فوري وشامل.
كانت يفعات تومر-يروشالمي، بصفتها المستشارة القانونية العسكرية العليا، في قلب هذه الأزمة. فدورها يتطلب منها الموازنة بين متطلبات الأمن القومي وضرورة الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وقد واجهت ضغوطًا هائلة من جهات مختلفة، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية التي طالبت بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات المزعومة وتقديمهم للعدالة.
تضمنت التحقيقات الأولية جمع الأدلة، والاستماع إلى شهادات المعتقلين والجنود المشتبه بهم، ومراجعة سجلات مركز الاحتجاز المعني. ومع تقدم التحقيق، بدأت تتضح تفاصيل مقلقة حول ثقافة قد تكون سمحت بمثل هذه الانتهاكات. وقد أشارت بعض المصادر إلى أن القضية لم تكن مجرد حوادث فردية معزولة، بل ربما كانت تعكس إخفاقات نظامية في الرقابة والإشراف داخل بعض مرافق الاحتجاز العسكرية.
استقالة تومر-يروشالمي، التي جاءت بعد يومين فقط من الكشف عن تفاصيل جديدة في القضية، أثارت تساؤلات حول مدى جدية الجيش الإسرائيلي في التعامل مع هذه الاتهامات. فبينما أعلن الجيش عن التزامه بالشفافية والتحقيق الكامل، يرى البعض أن الاستقالة قد تكون محاولة لاحتواء الأزمة أو إشارة إلى خلافات داخلية حول كيفية التعامل معها، خاصة وأن منصب المستشار القانوني العسكري يعتبر حجر الزاوية في ضمان الشرعية القانونية لعمليات الجيش.
أكدت مصادر مقربة من تومر-يروشالمي أن قرارها بالاستقالة لم يكن سهلاً، وأنه جاء نتيجة لشعورها بأنها لم تعد قادرة على أداء واجباتها بفعالية في ظل الظروف الراهنة والضغوط المتزايدة. وقد أشارت تقارير غير رسمية إلى وجود خلافات حول نطاق التحقيق والإجراءات التأديبية المقترحة ضد الجنود المتورطين، مما قد يكون قد دفعها إلى هذا القرار الصعب.
تعتبر هذه القضية اختبارًا حقيقيًا لالتزام إسرائيل بسيادة القانون داخل قواتها المسلحة، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعتقلين الفلسطينيين. فلطالما كانت منظمات حقوق الإنسان تنتقد ممارسات الاحتجاز الإسرائيلية، وتطالب بمزيد من الشفافية والمساءلة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
من المتوقع أن تستمر تداعيات هذه الاستقالة والقضية المرتبطة بها لفترة طويلة، وأن يكون لها تأثير على صورة الجيش الإسرائيلي وعلاقاته مع المجتمع الدولي. ويبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه القضية ستؤدي إلى إصلاحات حقيقية في نظام الاحتجاز العسكري، أم أنها ستظل مجرد حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الجدل حول حقوق المعتقلين في الأراضي المحتلة.
