محاكمة الخواد أ. في أنجيه: لغز فقدان الذاكرة ووحشية الجريمة المزدوجة
جاري التحميل...

محاكمة الخواد أ. في أنجيه: لغز فقدان الذاكرة ووحشية الجريمة المزدوجة
ماذا يدور في خلده خلف هذا القناع الصحي الذي نتساءل عما إذا كان يحمي رجال الشرطة المحيطين به من أي جراثيم محتملة للإنفلونزا، أم أنه يستخدم لإخفاء ردود أفعاله؟ ماذا يفكر الخواد أ. منذ أن بدأت محاكمته أمام محكمة الجنايات في ماين ولوار؟ حتى الآن، يتوارى المتهم خلف ستار فقدان الذاكرة والصمت. يرتدي سترة رياضية سوداء وشعره قصير جداً، ويظل صامتاً، ينتظر أن يلخص مترجمه الحديث الجاري. لكن يوم الأربعاء الموافق 8 أكتوبر، حان دوره ليتحدث.
على مدار الأيام الثلاثة الماضية، تناوب الخبراء والشهود والمدعون المدنيون على إعادة بناء أحداث تلك الليلة المروعة التي وقعت بين 15 و16 يوليو 2022. في تلك الليلة، بمدينة أنجيه الفرنسية، أقدم هذا اللاجئ السوداني، البالغ من العمر 35 عاماً اليوم، على قتل ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و18 و20 عاماً. في وقت سابق من تلك الأمسية، كان الخواد أ. قد طُرد بعد أن اعتدى جنسياً على فتيات. عاد مسلحاً بشفرة طولها 20 سنتيمتراً، ونفذ جريمته بحق ضحاياه في غضون عشر ثوانٍ فقط. ورغم أن الحقائق تبدو واضحة نسبياً، إلا أن هناك أسئلة ملحة لا تزال عالقة حول المتهم. لماذا هو ماهر جداً في استخدام السكين؟ هل كان في حالة سكر شديد لدرجة فقدان الذاكرة؟ هل كان واعياً لما يفعله؟
تُعد هذه المحاكمة نقطة محورية في مسعى العدالة لكشف الحقيقة وراء هذه الجريمة البشعة. يواجه القضاة والمحلفون مهمة شاقة في محاولة فهم عقلية رجل يدعي عدم تذكره لأي شيء، بينما تشير الأدلة المادية وشهادات الشهود إلى وحشية لا تُصدق. الخبراء النفسيون والطب الشرعي قدموا تقاريرهم، محاولين تحليل حالته العقلية وقت وقوع الجريمة، وما إذا كان يعاني من اضطرابات نفسية أو كان تحت تأثير مواد أثرت على قدرته على التمييز. هذه التقارير حاسمة في تحديد ما إذا كان المتهم مسؤولاً جنائياً بالكامل عن أفعاله.
تتزايد الضغوط على الخواد أ. مع اقتراب موعد شهادته، حيث يتوقع منه الجميع أن يقدم تفسيراً أو على الأقل أن يكسر حاجز الصمت الذي التزم به طويلاً. عائلات الضحايا، التي حضرت جلسات المحاكمة بقلوب مثقلة بالحزن، تنتظر بفارغ الصبر أي إجابات قد تخفف من آلامهم وتساعدهم على فهم لماذا فقدوا أبناءهم بهذه الطريقة المأساوية. إنهم يأملون أن تكشف المحاكمة عن الدوافع الحقيقية وراء هذا العنف غير المبرر، وأن تحقق العدالة لأبنائهم الذين قُتلوا بدم بارد.
تُسلط هذه القضية الضوء أيضاً على التحديات التي تواجه الأنظمة القضائية في التعامل مع المتهمين الذين يدعون فقدان الذاكرة، وكيفية الموازنة بين حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه وحق الضحايا والمجتمع في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة. إن مهارة المتهم في استخدام السكين، وسرعة تنفيذ الجريمة، تثير تساؤلات حول ما إذا كان لديه تدريب سابق أو خبرة في استخدام الأسلحة البيضاء، وهو ما يحاول المحققون والمدعون العامون استكشافه خلال مجريات المحاكمة. كل هذه التفاصيل تُضاف إلى تعقيد القضية، مما يجعلها واحدة من أكثر المحاكمات إثارة للجدل في المنطقة.
