تخفيض تمويل مكافحة الملاريا يهدد بعودة المرض ويكلف ملايين الأرواح ومليارات الجنيهات
جاري التحميل...

تخفيض تمويل مكافحة الملاريا يهدد بعودة المرض ويكلف ملايين الأرواح ومليارات الجنيهات
حذر تحليل جديد من أن تخفيض مساهمات الدول الغنية في صندوق مكافحة الملاريا قد يسمح بعودة المرض، مما سيكلف ملايين الأرواح ومليارات الجنيهات بحلول نهاية العقد.
ويحذر التقرير من أن مكافحة الملاريا تواجه تهديدات جديدة، بما في ذلك الظواهر الجوية المتطرفة والأزمات الإنسانية التي تزيد من عدد الأشخاص المعرضين للخطر، وتزايد المقاومة البيولوجية للمبيدات الحشرية والأدوية.
وقال غاريث جينكينز، من منظمة المالاريا لا مزيد في المملكة المتحدة: "إن خفض التمويل يهدد بأخطر عودة للمرض شهدناها على الإطلاق".
وقال المحللون إن التكلفة على منطقة أفريقيا جنوب الصحراء ستكون كبيرة، وقد ناشد قادة المنطقة مجموعة السبع الحفاظ على الاستثمار. كما طلبوا من القطاع الخاص والأفراد ذوي الثروات العالية التدخل، مشيرين إلى أن السيطرة الأفضل على المرض ستعزز النمو الاقتصادي والتجارة.

وقالت جوي فومابفي، من تحالف القادة الأفارقة لمكافحة الملاريا (ألما)، الذي شارك في تكليف البحث مع منظمة الملاريا لا مزيد في المملكة المتحدة: "الدول الأفريقية تنهض لمواجهة التحدي، ونحن نناشد بقية العالم لمرافقتنا في هذه الرحلة، لأننا جميعًا بحاجة إلى أن نكون جزءًا من القصة النهائية للملاريا".
قدر التقرير تأثير تخفيضات التمويل على الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا الذي يسعى للحصول على تبرعات لتغطية التكاليف من عام 2027 إلى عام 2029. يوفر الصندوق ما يقرب من 60% من إجمالي التمويل الدولي لمكافحة الملاريا، مثل الناموسيات والأدوية الوقائية.
تُعد التغيرات المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والجفاف، عوامل رئيسية تساهم في انتشار الملاريا، حيث تخلق بيئات مواتية لتكاثر البعوض الناقل للمرض. كما أن الأزمات الإنسانية والنزاعات المسلحة تؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض بسبب ضعف البنية التحتية الصحية وصعوبة الوصول إلى الرعاية الوقائية والعلاجية. يضاف إلى ذلك، التحدي المتزايد المتمثل في مقاومة الطفيليات المسببة للملاريا للأدوية المتاحة، ومقاومة البعوض للمبيدات الحشرية، مما يقلل من فعالية التدخلات الحالية ويستدعي تطوير استراتيجيات جديدة ومبتكرة.
إن التداعيات الاقتصادية لعودة الملاريا ستكون وخيمة بشكل خاص على منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تتحمل العبء الأكبر للمرض. فبالإضافة إلى التكاليف المباشرة للعلاج والرعاية الصحية، تؤثر الملاريا سلبًا على الإنتاجية الاقتصادية من خلال فقدان أيام العمل والدراسة، وتعيق التنمية المستدامة. وقد أكد قادة المنطقة مرارًا أن الاستثمار في مكافحة الملاريا ليس مجرد مسألة صحية، بل هو استثمار في مستقبل اقتصادي مزدهر، حيث أن تحسين السيطرة على المرض يساهم في تعزيز القوى العاملة وزيادة التجارة والنمو الاقتصادي بشكل عام.
يُعتبر الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا شريان حياة لملايين الأشخاص حول العالم، حيث يقدم الدعم المالي والتقني اللازم لتنفيذ برامج الوقاية والعلاج في الدول الأكثر تضررًا. إن أي نقص في تمويل هذا الصندوق يعني تراجعًا في الجهود المبذولة، مما قد يؤدي إلى خسارة المكاسب التي تحققت بشق الأنفس على مدى عقود. فمنذ تأسيسه، ساهم الصندوق في إنقاذ عشرات الملايين من الأرواح ومنع انتشار هذه الأمراض الفتاكة، مما يبرز أهمية الحفاظ على استدامته المالية.
تتطلب هذه الأزمة الصحية العالمية استجابة منسقة من جميع الأطراف. فبينما تلتزم الدول الأفريقية بزيادة مساهماتها وجهودها، فإنها تحتاج إلى دعم دولي قوي. إن مناشدة قادة أفريقيا لمجموعة السبع والقطاع الخاص والأفراد ذوي الثروات العالية ليست مجرد طلب للمساعدة، بل هي دعوة للشراكة في تحقيق هدف مشترك يتمثل في القضاء على الملاريا. إن الاستثمار في الصحة العالمية هو استثمار في الأمن والاستقرار والازدهار للجميع.
إن الفشل في التصدي لتهديد عودة الملاريا لن يؤثر فقط على المناطق المتضررة، بل ستكون له تداعيات عالمية. فانتشار الأمراض المعدية لا يعرف حدودًا، وقد يؤدي إلى ظهور سلالات جديدة أكثر مقاومة، مما يشكل خطرًا على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم. لذا، فإن الحفاظ على الزخم في مكافحة الملاريا ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان مستقبل صحي وأكثر أمانًا للبشرية جمعاء.
