خطة سلام أمريكية لأوكرانيا تثير قلق أوروبا وتتضمن تنازلات كبيرة لروسيا

كان فولوديمير زيلينسكي قد دعا يوم الخميس الموافق 20 نوفمبر إلى "سلام كريم" و"يحترم استقلالنا". بعد ساعات قليلة، كشفت الولايات المتحدة عن خطة من 28 نقطة تعد بتنازلات قوية للكرملين، وتعتبر غير مواتية إلى حد كبير لأوكرانيا. على وجه السرعة، أجرى الرئيس الأوكراني مكالمة هاتفية طارئة يوم الجمعة الموافق 21 نوفمبر مع القادة الفرنسيين والألمان والبريطانيين.

تنص خطة السلام التي بادرت بها واشنطن بشكل خاص على أن تتنازل كييف لروسيا عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك، في شرق البلاد، وهما منطقتان ستُعترفان بعد ذلك "بحكم الأمر الواقع كأراضٍ روسية، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة". ووفقًا لبنود هذه الخطة، سيتعين على أوكرانيا أيضًا التعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو وهو انضمام طالبت به منذ عام 2008 ولن تحصل على قوات لحفظ السلام. وهذا يعني أن الخطة تروج للشروط القصوى التي طرحتها روسيا والتي نددت بها السلطات الأوكرانية باعتبارها تعادل الاستسلام.

لم تمر التنازلات الهائلة المفروضة على أوكرانيا من خلال "خطة السلام" هذه دون ردود فعل: صدمة ومخاوف من الجانب الأوروبي، وانتصار واحتفالات للكرملين والولايات المتحدة. بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، فإن التوقعات المنتظرة لوقف الاشتباكات لا تحمل أيًا من الارتياح الذي كانت تأمله دول الاتحاد الأوروبي، التي تشاورت بشكل عاجل فور الإعلان عن المشروع.

أكد الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والمستشار الألماني يوم الجمعة خلال محادثة هاتفية مع فولوديمير زيلينسكي رغبتهم في "الحفاظ على المصالح الأوروبية والأوكرانية الحيوية على المدى الطويل"، وفقًا لبيان صادر عن المستشارية الألمانية. وعلى الرغم من أن فريدريش ميرتس وإيمانويل ماكرون وكير ستارمر رحبوا بـ "الجهود الأمريكية" لإيجاد حل، فقد أكدوا مجددًا للرئيس الأوكراني "دعمهم الكامل وغير المتغير على طريق السلام الدائم والعادل". وأوضح الإليزيه أن أي قرار يتطلب "الدعم المشترك والتوافق" من الأوروبيين وحلف الناتو. وفي ختام المكالمة الهاتفية، قال فولوديمير زيلينسكي إنه "يعمل" على الخطة الأمريكية، عبر حسابه على منصة X.

بعد أن ظلوا بعيدين عن مفاوضات خطة السلام التي تقودها الولايات المتحدة، ذكّر الأوروبيون بشروطهم: "لكي تنجح أي خطة، يجب أن يشارك فيها الأوكرانيون والأوروبيون، وهذا واضح جدًا"، كما أكدت رئيسة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، كايا كالاس. وأضافت: "يجب أن نفهم أنه في هذه الحرب، هناك معتدٍ وضحية. ولم نسمع عن أي تنازلات من جانب روسيا". وفي مواجهة الخفض الكبير في الجيش الأوكراني الذي تفرضه هذه الخطة ليقتصر على 600 ألف جندي طالب المتحدث باسم فريدريش ميرتس "بأن تظل القوات المسلحة الأوكرانية قادرة على الدفاع عن نفسها".

بالنسبة للبلد الذي طرح هذه الخطة، الولايات المتحدة، فإنها "جيدة"، لمصالح روسيا ومصالح أوكرانيا على حد سواء. هذا ما دافعت عنه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، يوم الخميس، معتبرة أن الخطة "مقبولة للطرفين". وصرح مسؤول أمريكي كذلك بأن الخطة المقترحة لأوكرانيا تتضمن ضمانات أمنية من واشنطن وحلفائها الأوروبيين تعادل تلك التي يقدمها حلف الناتو في حال وقوع هجوم مستقبلي، مؤكدًا المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية Axios. ووفقًا للأخيرة، فإن أي هجوم مسلح مستقبلي "مهم ومتعمد ومستمر" من روسيا ضد أوكرانيا "سيعتبر هجومًا يهدد السلام والأمن في المجتمع عبر الأطلسي" وسيؤدي إلى رد من الولايات المتحدة وحلفائها.