استقالة مدير سينما فرنسية بسبب ضغوط لعرض فيلم وثائقي مثير للجدل
جاري التحميل...

استقالة مدير سينما فرنسية بسبب ضغوط لعرض فيلم وثائقي مثير للجدل
مهنة مقدسة، هذه العبارة الساخرة تثير ابتسامة مريرة. إنها تتصدر الرسالة التي نشرها توماس بيتي اليوم ليعلن استقالته من منصب مدير سينما الفن والتجربة البلدية، روتبيف، في كليشي لا غارين (أوت دو سين). كتب المدير: عندما يفقد معنى هذه المهنة، عندما تجد نفسك تسير عكس ما بدأت من أجله، يصبح من الضروري أحيانًا أن تقول كفى.
يقع على عاتق من يستطيع قراءة ما بين السطور، مثل المعارضة البلدية. توضح دليلة باحمد، زعيمة حزب الخضر في كليشي، التي تستخلص العواقب مع قوى يسارية أخرى مثل فرنسا الأبية، الحزب الاشتراكي، الشيوعيين، جيلس، و"ما بعد" قائلة: تأتي هذه الاستقالة عقب برمجة الفيلم الوثائقي الخيالي القلب المقدس في القاعة، والذي استجوبنا السكان بشأنه نظرًا لطابعه التبشيري. الترجمة: يشتبهون اليوم في أن البلدية مارست ضغوطًا على مدير السينما لبرمجة هذا الفيلم الذي يتتبع حياة متصوفة عظيمة من القرن السابع عشر، القديسة مارغريت ماري ألاكوكي.
وبالفعل، يؤكد العمدة ريمي موزو (يمين متنوع) أن الضغط قد مورس دون تردد، على حد تعبير المسؤول البلدي، الذي أوضح لصحيفة ليبراسيون: كنت حريصًا على عرض هذا الفيلم، وقد أوضحت ذلك، وهذا السيد [توماس بيتي] استقال. حسنًا، لم أجبره بشكل مباشر، لكنني عبرت عن رغبتي في عرض الفيلم، وهو ما أدى إلى قراره بالاستقالة.
سينما الفن والتجربة البلدية، روتبيف، في كليشي لا غارين (أوت دو سين). (فيليب مولو/هيمي. وكالة الأنباء الفرنسية)
يُعرض الفيلم الوثائقي الخيالي للزوجين غونيل، المتهم بالتبشير حتى داخل المجتمع المسيحي، في سينما روتبيف في أوت دو سين، رغم معارضة مديرها. وتدعو المعارضة إلى حشد يوم الخميس 4 ديسمبر، للتعبير عن رفضها لما تعتبره تدخلاً سياسيًا في البرمجة الثقافية للمؤسسات البلدية. هذا الصراع يسلط الضوء على التوترات بين الاستقلالية الفنية والتدخلات السياسية أو الدينية في الفضاءات الثقافية العامة.
تعتبر الأحزاب اليسارية أن ما حدث هو سابقة خطيرة تهدد حرية البرمجة الثقافية في السينمات البلدية. وقد أصدرت بيانات مشتركة تدين فيها ما وصفته بـ"الضغط غير المقبول" على مدير السينما، وتطالب بضمان استقلالية المؤسسات الثقافية عن أي تأثيرات سياسية أو دينية. كما أشاروا إلى أن الفيلم، الذي يركز على شخصية دينية تاريخية، قد لا يتناسب مع التوجه الفني لسينما "الفن والتجربة" التي تهدف إلى تقديم أعمال ذات قيمة فنية عالية ومستقلة.
من جانبه، يدافع العمدة ريمي موزو عن قراره، مؤكدًا أن الفيلم يحمل رسالة ثقافية وتاريخية مهمة، وأن عرضه يندرج ضمن حرية التعبير والتنوع الثقافي. ويرى أن الجدل المثار حول الفيلم مبالغ فيه، وأن استقالة المدير كانت قرارًا شخصيًا لا يجب ربطه بضغوط مباشرة. ومع ذلك، فإن تصريحاته لصحيفة ليبراسيون التي أقر فيها بأنه "كان حريصًا على عرض الفيلم" و"أوضح ذلك"، تشير إلى وجود نوع من التأثير على قرار البرمجة.
تستعد مدينة كليشي لا غارين لمظاهرة يوم الخميس، حيث يتوقع أن يشارك فيها نشطاء ثقافيون وسياسيون ومواطنون معارضون لقرار العمدة. وتهدف المظاهرة إلى إرسال رسالة واضحة بأن المؤسسات الثقافية يجب أن تظل محايدة ومستقلة في اختياراتها الفنية، وأن أي محاولة لفرض أجندات معينة، سواء كانت سياسية أو دينية، ستواجه بالرفض. هذا الحدث يعكس نقاشًا أوسع في فرنسا حول دور الفن والثقافة في المجتمع، وحدود التدخل الحكومي في الشؤون الثقافية.
