وثائقي درامي يعيد إحياء محاكمة باتريك هنري ودفاع بادينتر التاريخي ضد عقوبة الإعدام
جاري التحميل...

وثائقي درامي يعيد إحياء محاكمة باتريك هنري ودفاع بادينتر التاريخي ضد عقوبة الإعدام
فرانس 2 الخميس 9 أكتوبر الساعة 22:50 وثائقي درامي
فرنسا خائفة. بهذه الكلمات الأربع، أشار مقدم نشرة أخبار قناة TF1، روجيه جيكيل، في 18 فبراير 1976، إلى العداء الذي كان يخيم على فرنسا بعد اعتقال باتريك هنري، وبرر هذا الشعور. كان هنري متهمًا بقتل فيليب بيرتراند، طفل في السابعة من عمره، بعد اختطافه وطلب فدية. في لقطات أرشيفية قصيرة وفعالة، بدا مصيره محتومًا. صرخ صبي مبتسم عندما أدرك أنه يتم تصويره: الموت لباتريك هنري! بينما أعلن ميشيل بونياتوفسكي، وزير الداخلية آنذاك، وهو يحدق في الكاميرا: لو كنت عضوًا في هيئة المحلفين، لحكمت عليه بالإعدام.
في خضم هذا الغضب الشعبي والضغط السياسي الهائل، تولى المحامي روبرت بادينتر مهمة الدفاع عن باتريك هنري. لم يكن بادينتر يدافع عن براءة هنري، بل كان يدافع عن مبدأ أعمق: إلغاء عقوبة الإعدام. كانت هذه المحاكمة نقطة تحول حاسمة في مسيرته، حيث ألقى مرافعة تاريخية لا تزال تُدرس حتى اليوم، مؤكدًا على أن العدالة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق من خلال القتل، وأن عقوبة الإعدام لا تخدم سوى الانتقام ولا تردع الجريمة بفعالية.
يعيد الفيلم الوثائقي الدرامي بادينتر ضد عقوبة الإعدام. محاكمة باتريك هنري، من إخراج كارولين دو سانك وفرانك يوهانس، إحياء هذه الأيام الثلاثة المصيرية بتفاصيل دقيقة. يستند العمل إلى نسخة غير منشورة من مرافعة بادينتر، مما يمنح المشاهدين فرصة فريدة للاطلاع على عمق حججه وقوة إقناعه. يجسد الممثل لويك كوربيري دور روبرت بادينتر ببراعة، وينقل بصدق التوتر والدراما التي سادت قاعة المحكمة.
لا يكتفي الفيلم بسرد الأحداث، بل يغوص في الجوانب النفسية والاجتماعية للقضية، مستعرضًا كيف يمكن للخوف العام أن يؤثر على مسار العدالة. من خلال استخدام ممثلين من الكوميدي فرانسيز، ينجح الفيلم في إعادة بناء المشاهد الرئيسية للمحاكمة بواقعية مؤثرة، مما يجعل المشاهد يعيش التجربة وكأنها تحدث أمامه. إنه ليس مجرد إعادة تمثيل، بل هو تحليل عميق لتلك اللحظة التاريخية التي شكلت جزءًا أساسيًا من النقاش حول عقوبة الإعدام في فرنسا.
تُعد محاكمة باتريك هنري رمزًا للصراع بين الرغبة في الانتقام والبحث عن عدالة إنسانية. وقد مهدت جهود بادينتر في هذه المحاكمة، وغيرها من القضايا، الطريق لإلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا عام 1981، عندما أصبح وزيرًا للعدل. يقدم هذا الوثائقي الدرامي شهادة قوية على شجاعة بادينتر والتزامه بمبادئ العدالة، ويذكرنا بأهمية الدفاع عن القيم الإنسانية حتى في أحلك الظروف وأكثرها تحديًا.
