معركة ضريبية جديدة تلوح في الأفق بالجمعية الوطنية الفرنسية حول "ميثاق دوتروي"

تستعد الجمعية الوطنية الفرنسية لاستضافة معركة جديدة حول إحدى أكثر الثغرات الضريبية إثارة للجدل في البلاد: "ميثاق دوتروي" (Pacte Dutreil). من المقرر أن يخضع هذا الميثاق لمناقشات حادة خلال دراسة المادة 3 من مشروع قانون المالية (PLF) في نهاية الأسبوع الجاري. تهدف هذه المادة إلى فرض ضريبة على الأصول المالية للشركات القابضة العائلية، مما سيعيد إلى الواجهة النقاش حول "ضريبة زوكمان" الشهيرة على الثروة.

ما هو "ميثاق دوتروي" ولماذا هو مثير للجدل؟

يُعد "ميثاق دوتروي" آلية ضريبية تهدف إلى تسهيل انتقال ملكية الشركات العائلية، وذلك بتخفيف العبء الضريبي بشكل كبير عند نقل الأسهم أو حصص الشركات بين أفراد العائلة. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان استمرارية الشركات والحفاظ على الوظائف والنشاط الاقتصادي، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة. يتطلب الميثاق التزامًا من الورثة بالاحتفاظ بالأسهم لفترة معينة والمشاركة في إدارة الشركة.

على الرغم من أهدافه المعلنة، يواجه الميثاق انتقادات واسعة النطاق، حيث يعتبره البعض "ملاذًا ضريبيًا" يستفيد منه الأثرياء والعائلات الكبيرة، مما يثير تساؤلات حول العدالة والمساواة الضريبية. يرى المنتقدون أنه يقلل من الإيرادات الضريبية للدولة دون تحقيق الفائدة الاقتصادية المرجوة بشكل كامل، ويخلق فجوة بين الشركات العائلية والشركات الأخرى.

مشروع قانون المالية و"ضريبة زوكمان"

تأتي هذه المناقشات في سياق أوسع لمشروع قانون المالية، الذي يسعى إلى إصلاحات ضريبية متعددة. المادة 3، التي ستكون محور النقاش، تقترح فرض ضريبة على الأصول المالية للشركات القابضة العائلية. هذا المقترح يعيد إلى الأذهان "ضريبة زوكمان" (Taxe Zucman)، التي سميت على اسم الاقتصادي الفرنسي غابرييل زوكمان، والمعروف بأبحاثه حول عدم المساواة الضريبية والتهرب الضريبي. تهدف هذه الضريبة إلى معالجة التراكم المفرط للثروات في أيدي عدد قليل من الأفراد والعائلات، وتوفير إيرادات إضافية للدولة.

مقترح سيرج بابان لتوسيع نطاق الميثاق

في خضم هذه النقاشات، اقترح وزير الشركات الصغيرة والمتوسطة والقوة الشرائية، سيرج بابان، توسيع نطاق "ميثاق دوتروي" ليشمل الموظفين. صرح بابان، المدير العام السابق لـ "سيستيم يو" (Systme U)، في مقابلة مع BFM Business يوم الثلاثاء 28 أكتوبر، قائلاً: "يمكننا، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة جدًا (TPE)، أن نتخيل وجود ميثاق دوتروي معدل ليناسب الموظفين".

وأوضح بابان أن هذا التوسع ضروري لأن "هناك العديد من الشركات الصغيرة جدًا التي تتوقف عن العمل عندما يتوقف مؤسسها"، مشددًا على أن الميثاق الحالي "ليس هدية ضريبية" فحسب، بل يجب أن تتجاوز الإعفاءات المصاحبة له مجرد كونه "هدية ضريبية" لتصبح أداة فعالة لدعم استمرارية الشركات ونموها. يرى بابان أن إشراك الموظفين في ملكية الشركات يمكن أن يكون حلاً مستدامًا لمشكلة انتقال الملكية وضمان بقاء هذه الشركات الحيوية للاقتصاد الفرنسي.

تقرير محكمة المحاسبات المرتقب

تزيد أهمية هذه المناقشات مع ترقب نشر محكمة المحاسبات لتقريرها الذي يقيم فعالية "ميثاق دوتروي". من المتوقع أن يقدم التقرير تحليلاً شاملاً لتأثير الميثاق على الاقتصاد والإيرادات الضريبية، ومدى تحقيقه لأهدافه المعلنة. ستكون نتائج هذا التقرير حاسمة في توجيه النقاشات البرلمانية وتحديد مستقبل هذه الآلية الضريبية المثيرة للجدل.

تُظهر هذه المعركة الضريبية الجديدة التوترات المستمرة بين الحاجة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي ودعم الشركات، وبين المطالب بالعدالة الضريبية وتقليل الفجوات بين الطبقات الاجتماعية. سيتعين على الجمعية الوطنية إيجاد توازن دقيق بين هذه الأهداف المتعارضة لضمان نظام ضريبي عادل وفعال يدعم النمو الاقتصادي المستدام.