ماكرون يربط ذكرى المقاومة الفرنسية بتحديات الدفاع الوطني الراهنة
جاري التحميل...
ماكرون يربط ذكرى المقاومة الفرنسية بتحديات الدفاع الوطني الراهنة
من روح الهزيمة إلى روح الدفاع. يوم الأحد 23 نوفمبر، أشاد إيمانويل ماكرون بـ روبرت بيرنباوم، بطل المقاومة الذي انخرط في صفوف المقاتلين الأحرار وأنصار العمال المهاجرين (FTP-MOI)، والذي توفي عن عمر يناهز 99 عامًا. في وقت عودة الحرب إلى أوروبا، يواصل رئيس الدولة إحياء ذكرى المقاومة من خلال ربطها بالأوضاع الراهنة. يوم الخميس، سيتواجد في فارسي (إيزير)، مع قوات اللواء 27 للمشاة الجبلية. سياق مختلف، لكن الرسالة ذاتها حول أهمية إعداد الأمة وقواها المعنوية لمواجهة التهديدات المتزايدة، حسب قصر الإليزيه. لديه هاجس تربوي لتنبيه الفرنسيين إلى قسوة الأوقات القادمة، كما يلخص أحد المقربين منه. أمام قوات الجبل، رئيس الجمهورية سيواصل التأكيد على هذه المبادئ، مذكرًا بأهمية اليقظة والتأهب في مواجهة عالم متغير.
يأتي هذا التوجه الرئاسي في سياق استراتيجي يهدف إلى تعزيز الوعي الوطني بأهمية الدفاع عن القيم والمصالح الفرنسية والأوروبية. فمن خلال استحضار ذكرى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، يسعى ماكرون إلى استلهام روح التضحية والصمود التي ميزت تلك الحقبة، وربطها بالتحديات الأمنية المعاصرة. إن إحياء ذكرى شخصيات مثل روبرت بيرنباوم ليس مجرد تكريم للماضي، بل هو دعوة صريحة للجيل الحالي لاستيعاب دروس التاريخ وتطبيقها في مواجهة التهديدات الجديدة التي تلوح في الأفق، سواء كانت جيوسياسية أو إرهابية أو حتى تلك المتعلقة بالأمن السيبراني.
إن عبارة عودة الحرب إلى أوروبا ليست مجرد استعارة بلاغية، بل هي إشارة واضحة إلى الصراعات الدائرة، وخاصة الحرب في أوكرانيا، التي أعادت تشكيل المشهد الأمني للقارة. في هذا السياق، يرى الإليزيه أن فرنسا، كقوة أوروبية رئيسية وعضو دائم في مجلس الأمن، تتحمل مسؤولية خاصة في تعزيز قدراتها الدفاعية وتأهيل شعبها لمواجهة أي طارئ. هذا لا يعني بالضرورة الاستعداد لحرب شاملة، بل يعني بناء مرونة وطنية شاملة تشمل الجوانب العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
تتجاوز فكرة إعداد الأمة مجرد تحديث المعدات العسكرية. إنها تشمل تعزيز القوى المعنوية للمواطنين، وهي عبارة تعكس أهمية الوحدة الوطنية، والتماسك الاجتماعي، والإيمان بالقيم الجمهورية. في عالم تتزايد فيه الانقسامات وتتفاقم التحديات، يصبح الحفاظ على هذه القوى المعنوية أمرًا حيويًا لضمان قدرة الأمة على الصمود والتكيف. يشمل ذلك أيضًا تعزيز التعليم المدني، وتشجيع الخدمة الوطنية، وتنمية روح المواطنة المسؤولة التي تدرك واجباتها تجاه الوطن.
إن زيارة الرئيس للقوات الجبلية في فارسي ليست مصادفة. فاللواء 27 للمشاة الجبلية يمثل نخبة القوات الفرنسية، المعروفة بقدرتها على العمل في أصعب الظروف والتضاريس. هذه الزيارة تبعث برسالة قوية حول جاهزية فرنسا للدفاع عن مصالحها في أي بيئة، وتؤكد على أهمية التدريب الصارم والاحترافية العالية للقوات المسلحة. كما أنها فرصة للرئيس للتواصل المباشر مع الجنود، ورفع معنوياتهم، والتأكيد على دعم القيادة السياسية لجهودهم وتضحياتهم في خدمة الوطن.
إن قسوة الأوقات القادمة التي يشير إليها المقربون من الرئيس تتطلب يقظة مستمرة وتخطيطًا استباقيًا. فالتحديات لا تقتصر على الصراعات العسكرية، بل تمتد لتشمل التغيرات المناخية، والأوبئة، والأزمات الاقتصادية، والتهديدات السيبرانية التي يمكن أن تزعزع استقرار الدول. في هذا السياق، يرى ماكرون أن فرنسا يجب أن تكون مستعدة على جميع الجبهات، وأن تعزز شراكاتها الأوروبية والدولية لمواجهة هذه التحديات المشتركة. إن رسالته هي دعوة للعمل الجماعي، داخليًا وخارجيًا، لضمان مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة.
