صراع المليارات: باراماونت سكاي دانس ترفع سقف المنافسة للاستحواذ على وارنر براذرز ديسكفري

أطلقت باراماونت سكاي دانس عرض استحواذ عدائي على شكل عرض شراء عام في 8 ديسمبر. (ماريو تاما/غيتي إيميجز عبر وكالة فرانس برس)

اندلعت حرب تجارية وسمعية بصرية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، مع تصاعد وتيرة المنافسة على أحد أضخم استوديوهات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني. فبعد إعلان نتفليكس عن نيتها الاستحواذ على استوديو وارنر براذرز ديسكفري (WBD) الأسطوري، يوم الجمعة الماضي، في صفقة بلغت قيمتها 83 مليار دولار، ردت شركة باراماونت سكاي دانس المنافسة بإطلاق عرض استحواذ عدائي على شكل عرض شراء عام (OPA) يوم الاثنين الموافق 8 ديسمبر. هذا التكتل، الذي كان أول من أبدى اهتمامه بالاستحواذ، يقدم الآن مبلغًا ضخمًا يصل إلى 108.4 مليار دولار (92 مليار يورو) للاستحواذ على كامل أصول WBD وهو عرض يتجاوز بكثير عرض نتفليكس الذي استثنى محفظة قنواتها التلفزيونية واقتصر على استوديو السينما والتلفزيون فقط.

تُشكل هذه المزايدة العدائية منعطفًا حاسمًا في مستقبل صناعة الترفيه الأمريكية، حيث تتنافس عمالقة البث والإنتاج على السيطرة على المحتوى الأصلي والمكتبات الضخمة. إن وارنر براذرز ديسكفري، بامتلاكها علامات تجارية أيقونية مثل DC Comics، HBO، Warner Bros. Pictures، وDiscovery Channel، تمثل كنزًا لا يقدر بثمن لأي شركة تسعى لتعزيز مكانتها في سوق البث التنافسي.

خلفيات الصراع وتأثير عائلة إليسون

لم يكن دخول باراماونت سكاي دانس على خط المنافسة مفاجئًا تمامًا للمراقبين، خاصة بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بملكية باراماونت. فقد استحوذت عائلة إليسون، المعروفة بقربها من الرئيس الأمريكي الحالي، على باراماونت في وقت سابق من هذا الصيف. هذا الاستحواذ أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوة الجريئة، وما إذا كانت هناك أبعاد سياسية أو استراتيجية أوسع تتجاوز مجرد الربح التجاري.

يُعتقد أن عائلة إليسون، التي تتمتع بنفوذ كبير في الأوساط السياسية والاقتصادية، تسعى لتعزيز إمبراطوريتها الإعلامية وتوسيع نطاق تأثيرها. إن الاستحواذ على WBD سيعطي باراماونت سكاي دانس قوة تفاوضية هائلة، ويضعها في مصاف أكبر اللاعبين في صناعة المحتوى العالمية، مما يمكنها من منافسة نتفليكس وديزني بلس بقوة أكبر.

الرئيس الأمريكي كحكم محتمل

مع تصاعد حدة المعركة، يبرز اسم الرئيس الأمريكي كحكم محتمل لهذه المزايدة الضخمة. فالعلاقات الوثيقة بين عائلة إليسون والبيت الأبيض قد تضع الإدارة الأمريكية في موقف حساس، حيث قد يُطلب منها التدخل أو التعبير عن رأيها في صفقة بهذا الحجم والتعقيد. قد يكون للرئيس مصلحة في ضمان أن الصفقة تخدم المصالح الوطنية، أو على الأقل ألا تتعارض معها، خاصة في قطاع حيوي مثل الإعلام الذي يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام.

يُشير المحللون إلى أن أي تدخل رئاسي، مباشر أو غير مباشر، يمكن أن يغير مسار الصفقة بشكل جذري. فهل سيُفضل الرئيس عرضًا على آخر؟ وهل ستكون هناك اعتبارات تتجاوز القيمة المالية البحتة؟ هذه الأسئلة تبقى معلقة، وتضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى هذه الملحمة التجارية.

الآثار المستقبلية على صناعة الترفيه

بغض النظر عن الفائز في هذه المعركة، فإن الآثار المترتبة على صناعة الترفيه ستكون عميقة. فإذا نجحت باراماونت سكاي دانس في الاستحواذ على WBD، فسنشهد ميلاد عملاق إعلامي جديد قادر على تغيير ديناميكيات السوق. أما إذا فازت نتفليكس، فستعزز مكانتها كقوة مهيمنة في عالم البث، مما قد يدفع المنافسين الآخرين إلى البحث عن تحالفات أو استحواذات مماثلة للبقاء في المنافسة.

إن هذه الصفقة، أياً كان مصيرها، تؤكد على الأهمية المتزايدة للمحتوى الأصلي والمكتبات الضخمة في عصر البث الرقمي. فالمشاهدون يبحثون عن تنوع وجودة، والشركات تتسابق لتقديم ذلك. ومع استمرار هذا التنافس المحموم، يمكننا أن نتوقع المزيد من الصفقات الضخمة والتغيرات الجذرية في المشهد الإعلامي العالمي.

تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، حيث يترقب الجميع قرار مجلس إدارة وارنر براذرز ديسكفري، وما إذا كان سيقبل العرض الأعلى من باراماونت سكاي دانس، أو سيبقى متمسكًا بعرض نتفليكس الأقل قيمة ولكن ربما الأقل تعقيدًا من الناحية التنظيمية. المؤكد هو أن هذه المعركة ستُسجل في تاريخ صفقات الاستحواذ الكبرى.