ماكرون يكلف سيباستيان ليكورنو بمفاوضات حاسمة بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي
جاري التحميل...

ماكرون يكلف سيباستيان ليكورنو بمفاوضات حاسمة بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي
تحليل - بعد ساعات قليلة من استقالة رئيس الوزراء، كلف رئيس الدولة سيباستيان ليكورنو بإجراء مفاوضات جديدة حتى مساء الأربعاء. تأتي هذه الخطوة في خضم أزمة سياسية عميقة تهز المشهد الفرنسي، حيث يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون جاهداً لإيجاد حل سريع ومستقر لتشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات الراهنة.
لم يكن "المتجول في الشان دو مارس"، بل كان التجوال على ضفاف نهر السين. صباح يوم الاثنين، التقطت الكاميرات إيمانويل ماكرون وهو يتجول سيرًا على الأقدام في باريس، هاتفه ملتصق بأذنه. كان رئيس الدولة عائدًا من البانثيون، حيث تفقد المكان، قبل ثلاثة أيام من ترؤسه حفل دخول روبرت بادينتر إلى الصرح الذي يكرم "الرجال العظام". كان من المقرر أن يتناول الغداء بعد ذلك مع صناعيين من قطاع الأدوية، القلقين بشأن حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها دونالد ترامب. وقبل أن يترأس، في قاعة الاحتفالات بقصر الإليزيه، حفل تكريم لخمس شخصيات، من بينهم الاقتصاديان جان تيرول وفيليب أغيون.
يوم رئاسي عادي. وبدا إيمانويل ماكرون غير مبالٍ بالذعر الذي اجتاح الأوساط السياسية وبالصدمة التي أصابت البلاد أمام مشهد أصبحت حبكته غير مفهومة لعامة الناس. ففي أعقاب دراما نفسية تسببت في ليلة واحدة باستقالة الحكومة، يجد الرئيس نفسه أمام تحدٍ كبير لإعادة الاستقرار السياسي. استقالة رئيس الوزراء، التي جاءت بعد فترة من التوتر السياسي وصعوبة تمرير القوانين في البرلمان، عكست عمق الانقسامات داخل الطبقة السياسية الفرنسية.
تُعد مهمة سيباستيان ليكورنو، وزير الدفاع الحالي، حساسة للغاية. فهو مكلف بإجراء "مفاوضات أخيرة" مع مختلف القوى السياسية، بهدف التوصل إلى توافق حول تشكيل حكومة جديدة أو على الأقل الحصول على دعم كافٍ لضمان استمرارية العمل الحكومي. يرى مراقبون أن اختيار ليكورنو، الذي يُعرف ببراغماتيته وقدرته على التواصل، يعكس رغبة ماكرون في تجاوز الخطوط الحزبية التقليدية والبحث عن حلول عملية.
تتضمن المفاوضات المرتقبة مناقشة أولويات الحكومة القادمة، وتوزيع الحقائب الوزارية، وربما حتى مراجعة بعض السياسات التي أثارت جدلاً واسعاً. الضغط كبير على ليكورنو لإنجاز مهمته قبل الموعد النهائي المحدد مساء الأربعاء، حيث يتوقع أن يعلن الرئيس ماكرون قراره النهائي بشأن مستقبل الحكومة الفرنسية. فشل هذه المفاوضات قد يدفع البلاد نحو انتخابات مبكرة، وهو سيناريو يحاول الإليزيه تجنبه في الوقت الراهن.
تعكس هذه الأزمة الحكومية التحديات الأوسع التي تواجه رئاسة ماكرون، لا سيما في ظل غياب أغلبية برلمانية مطلقة. فمنذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، اضطرت الحكومة إلى الاعتماد على تحالفات هشة أو استخدام آليات دستورية خاصة لتمرير مشاريع القوانين، مما أثار انتقادات واسعة من المعارضة وأضعف الشرعية السياسية لبعض القرارات. يترقب الفرنسيون بفارغ الصبر نتائج هذه المفاوضات، آملين في أن تسفر عن حكومة قوية وموحدة قادرة على معالجة القضايا الملحة التي تواجه البلاد، من التضخم إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
في هذه الأثناء، يواصل ماكرون إظهار واجهة من الهدوء والتركيز على مهامه الرئاسية، في محاولة لتهدئة المخاوف وإرسال رسالة بأن الدولة مستمرة في عملها رغم الاضطرابات السياسية. لكن خلف الكواليس، تدور عجلة المشاورات بوتيرة محمومة، فمستقبل الحكومة الفرنسية على المحك، والقرار النهائي سيكون له تداعيات كبيرة على المشهد السياسي للسنوات القادمة.