19 أكتوبر 2025 في 02:06 ص
news.tn
أخبار.تن - شعار الموقع
عاجل

كارثة قابس تكشف عجز النموذج الاقتصادي التونسي وضرورة ثورة حقيقية للتنمية المستدامة

Admin User
نُشر في: 18 أكتوبر 2025 في 07:00 م
2 مشاهدة
3 min دقائق قراءة
المصدر: Kapitalis
0 إعجاب
0 حفظ
0 مشاركة
مشاركة على:

جاري التحميل...

كارثة قابس تكشف عجز النموذج الاقتصادي التونسي وضرورة ثورة حقيقية للتنمية المستدامة

كارثة قابس تكشف عجز النموذج الاقتصادي التونسي وضرورة ثورة حقيقية للتنمية المستدامة

الثورة التونسية الحقيقية لم تتحقق بعد

إن المأساة التي تتكشف اليوم في قابس، والتي يتردد صداها في وسائل الإعلام العالمية، وتقدم بلادنا في أسوأ صورها، تعكس الاحتضار الذي لا ينتهي لنموذج اجتماعي واقتصادي عفا عليه الزمن، تم إرساؤه في تونس غداة الاستقلال عام 1956، والذي لم يكن التلوث الصناعي المدمر للبيئة والصحة نتيجته السلبية الوحيدة. يجب استخلاص الدروس واتخاذ قرارات عاجلة وتنفيذها.

إلياس القصري *

صورة إلياس القصري

لم تدرك الحكومات التونسية المتعاقبة منذ عام 2011 على ما يبدو بشكل كافٍ أن انهيار نظام بن علي لم يكن نهاية للاستبداد والفساد وسوء الحوكمة، بل كان مجرد تشنج لاحتضار لا ينتهي لنموذج اجتماعي واقتصادي متدهور أصبح الآن عتيقًا ومكلفًا وغير منتج ويشجع على الجمود والمحسوبية. هذا النموذج، الذي ورثته تونس بعد الاستقلال، فشل في التكيف مع التحديات الحديثة، مما أدى إلى تفاقم المشاكل الهيكلية وتعميق الفجوات الاجتماعية والاقتصادية.

توازن جديد قابل للحياة ومستدام

الثورة التونسية الحقيقية لم تتحقق بعد، وهي ليست في الأساس مجرد وهم اجتماعي سياسي أو سعيًا للسلطة ومكاسبها، بل هي تغيير عميق في نموذج الحوكمة بهدف إرساء توازن جديد قابل للحياة ومستدام بين ريادة الأعمال والابتكار والعدالة الاجتماعية الحقيقية، ليس لجعل التونسيين شعبًا يعتمد على المساعدات، بل لتونس مبتكرة ومبادرة بلا حواجز اجتماعية أو جهوية أو ريعية من أي نوع. هذا التغيير يتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد تتجاوز الحلول المؤقتة والسياسات قصيرة النظر، مع التركيز على بناء اقتصاد معرفي يعتمد على الكفاءات والطاقات الشابة.

هنا يكمن التحدي الرئيسي والرهان الحقيقي للمستقبل. فبينما يعرب مراقبون عن مخاوف جدية من أن الوتيرة المتبعة منذ عام 2011 من التدهور والتقادم المتسارع للبنية التحتية الوطنية، وبالنظر إلى غياب مشاريع البنية التحتية الكبرى في مشروع قانون المالية المسرب لعام 2026، وهي السنة المفترض أن تكون بداية الخطة الخمسية للتنمية 2026-2030، فإن قابس بكارثتها البيئية وثمنها البشري الباهظ، الذي طالما تم التكتم عليه وتجاهله، قد تتكرر في مناطق أخرى من البلاد، لتجعل منها، لا قدر الله، ساحة تنافس للقوى الإقليمية، وفي المقام الأول "الإخوة المزيفين" مع عواقب مأساوية. إن تجاهل هذه التحذيرات يعني المخاطرة بمستقبل الأجيال القادمة وتهديد الوحدة الوطنية.

الجبايات والنجاة المالية

بالعودة إلى مشروع قانون المالية لعام 2026، يبدو أنه يتماشى مع الميزانيات ما بعد الثورة التي فضلت الجبايات وسياسة اقتصادية توزيعية زائفة على حساب الانتعاش الاقتصادي ودعم إنشاء الشركات والثروات وفرص العمل. هذا التوجه يعكس استمرار الاعتماد على الحلول السهلة قصيرة المدى بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للمشاكل الاقتصادية. إن التركيز المفرط على الجباية يثقل كاهل المواطنين والشركات، ويعيق الاستثمار والنمو، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من التدهور الاقتصادي.

يبدو أن نمط النجاة المالية المعتمد منذ عام 2011، وفقًا لغالبية الخبراء الاقتصاديين، يؤدي تدريجيًا إلى اختناق مميت، بالإضافة إلى ذلك، فبدلاً من الاستقلال الاقتصادي والمالي المنشود، يؤدي إلى تبعية ليست مالية فحسب، بل سياسية ودبلوماسية وربما أمنية، مما قد يرهن أغلى ما يملكه التونسيون. إن هذه التبعية المتزايدة تهدد السيادة الوطنية وتحد من قدرة تونس على اتخاذ قراراتها المستقلة، مما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة.

* سفير سابق.

طبيعة الخبر: محايد
هذا الخبر يقدم معلومات محايدة

الكلمات المفتاحية(2)

التعليقات

News.tn يقدم مجموعة من الأخبار المستقاة من مجموعة واسعة من المصادر الإخبارية غير العربية. يجب التنويه أن المحتوى المقدم لا يعكس بالضرورة معتقداتنا وأفكارنا كمالكي الموقع. ما هو تقييمك للمعلومات المقدمة في المقال؟

مقالات ذات صلة