فرح ومريم: قصص صمود من غزة في مواجهة الحرب وأمل الترشح للأوسكار
جاري التحميل...

فرح ومريم: قصص صمود من غزة في مواجهة الحرب وأمل الترشح للأوسكار
نلتقي بفرح ومريم، فتاتين صغيرتين من غزة، تحملان في عيونهما وقلبيهما قصصًا ترويها مرارة الحرب ووطأة الفقد. لكل منهما حكايتها الخاصة التي تجسد المعاناة اليومية لسكان القطاع المحاصر.
بالنسبة لفرح، يحمل الليل معنى الخوف العميق، فهو تذكير مؤلم بأحباء فقدتهم في ظلام القصف. كل غروب شمس يعيد إلى ذاكرتها صورًا لا تُمحى، ويجدد جراحًا لم تلتئم بعد. تعيش فرح في عالم حيث الأمان رفاهية نادرة، وحيث كل صوت غريب قد يحمل معه نذير شؤم جديد.
أما مريم، فقد دُمر منزلها بالكامل، وسُحقت تحت أنقاضه ذكريات الطفولة البريئة، وفقدت أمها وأختها في لحظة واحدة. لا يزال جسد خالتها مدفونًا تحت الركام، شاهدًا صامتًا على وحشية الدمار. تعيش مريم الآن في خيمة متواضعة أقيمت بجانب أنقاض ما كان منزلها، في مشهد يعكس حجم الكارثة التي حلت بها وبعائلتها.
في هذه الخيمة، بجوار الركام الذي يروي قصصًا لا تُحصى من الألم، تلتقي الفتاتان، فرح ومريم، لتتبادلا أحزانهما ومخاوفهما، وتشاركا بعضهما البعض آمالهما الهشة في مستقبل أفضل بعد عامين من الحرب التي غيرت كل شيء في حياتهما. لقاءاتهما هذه ليست مجرد مصادفة، بل هي شهادة على قوة الروح الإنسانية في البحث عن العزاء والدعم المتبادل حتى في أحلك الظروف.
فيلم "فرح ومريم" هو عمل إخراجي للمخرج وسام موسى، ويُعد جزءًا لا يتجزأ من مجموعة "من نقطة الصفر" (From Ground Zero). هذه المجموعة الفريدة تضم 22 فيلمًا قصيرًا، صُنعت جميعها في غزة، بمبادرة من المخرج الفلسطيني القدير رشيد مشهراوي. الهدف الأساسي من هذه المجموعة هو سرد القصص غير المروية للحرب الحالية، وتقديم منظور إنساني عميق يكسر حاجز الصمت ويصل إلى العالم.
تُظهر هذه الأفلام القصيرة، ومنها "فرح ومريم"، الواقع المعقد والمؤلم الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة، مسلطة الضوء على صمودهم وقدرتهم على التكيف، وفي الوقت نفسه، على حجم الخسائر البشرية والمادية التي يتكبدونها. إنها محاولة فنية لتوثيق التاريخ من وجهة نظر الضحايا، ولإعطاء صوت لمن لا صوت لهم.
لقد حظيت مجموعة "من نقطة الصفر" بتقدير دولي كبير، حيث كانت الترشيح الرسمي لدولة فلسطين في فئة أفضل فيلم روائي عالمي ضمن جوائز الأوسكار السابعة والتسعين لعام 2025. هذا الترشيح لا يمثل فقط اعترافًا بجودة هذه الأعمال السينمائية، بل هو أيضًا خطوة مهمة نحو تسليط الضوء على القضية الفلسطينية ومعاناة شعبها على منصة عالمية مرموقة. إنه يؤكد على أهمية الفن كوسيلة للتعبير عن الحقائق، ولإيصال رسائل الصمود والأمل من قلب المعاناة إلى العالم أجمع.
نُشر في 7 أكتوبر 2025