4 ديسمبر 2025 في 08:56 ص
news.tn
أخبار.تن - شعار الموقع
عاجل

تعديل مجلس الشيوخ حول التحليل النفسي: هل هو إنكار لللاوعي البشري؟

Admin User
نُشر في: 4 ديسمبر 2025 في 05:01 ص
2 مشاهدة
3 min دقائق قراءة
المصدر: Le Monde
0 إعجاب
0 حفظ
0 مشاركة
مشاركة على:

جاري التحميل...

تعديل مجلس الشيوخ حول التحليل النفسي: هل هو إنكار لللاوعي البشري؟

تعديل مجلس الشيوخ حول التحليل النفسي: هل هو إنكار لللاوعي البشري؟

عندما نعلم في نهاية الصيف أن مراهقًا شابًا في الولايات المتحدة، آدم رين، انتحر بعد أن حصل من Chat-GPT على التعليمات اللازمة لإنهاء حياته، وبعد أن باح له بمعاناته، ألا توجد حاجة ملحة لاستعادة علاقة ممكنة بالكلمة وبالآخر في عالمنا؟ وعندما نحتفل بالذكرى العاشرة لهجمات 13 نوفمبر 2015 في فرنسا، التي حشدت العديد من فرق الرعاية الطارئة في المستشفيات، وعلماء النفس والأطباء النفسيين للتعامل مع الحدث الصادم وآثاره المدمرة، ألا يوجد سخرية في إصدار تعديل يدين "الرعاية والأفعال والخدمات التي تدعي الانتماء إلى التحليل النفسي أو تستند إلى أسس نظرية تحليلية نفسية"؟

لقد تم سحب التعديل الذي قُدم إلى مجلس الشيوخ في 21 نوفمبر، ولكن من المحتمل جدًا ألا يكون سوى الضربة الأولى التي تنذر بإصرار قادم. باسم التماسك العلمي المرتبط بنفقات الصحة، اقترح هذا التعديل تشجيع "نشر الممارسات السلوكية والتعليمية وإعادة التأهيل النفسي الاجتماعي" بشكل أساسي لمحو المساهمة التحليلية النفسية القائمة على الكلمة من الخريطة.

ولكن ما الذي يهدف هذا التشجيع إلى تثبيطه أو حظره، وما الذي يهدف إلى تعزيزه في المقابل؟ لا يتعلق الأمر فقط بعدم تعويض تكاليف الرعاية التي تدعي الانتماء إلى التحليل النفسي، خاصة داخل المراكز الطبية النفسية، بل يتعلق أيضًا بتصنيف هذه الرعاية على أنها غير منتجة وغير مناسبة، "يجب تمييزها عن العلاجات النفسية". هذا التمييز ينزع الشرعية عن العلاجات النفسية التي تشير إلى التحليل النفسي ويهدد بتشويه سمعة جميع الممارسين الذين تدربوا على التحليل النفسي. إنه أيضًا تدمير للنسيج الاجتماعي للرعاية النفسية الذي يتم تصويره هنا.

ضرورة العصر

إن هذا العصر، بكل تعقيداته وتحدياته، يفرض علينا ضرورة ملحة لإعادة التفكير في مقاربتنا للصحة النفسية. ففي عالم تتزايد فيه وتيرة التغيرات وتتفاقم فيه الأزمات الوجودية، لا يمكننا الاكتفاء بحلول سطحية أو مقاربات تختزل الإنسان إلى مجرد مجموعة من السلوكيات القابلة للتعديل. إن قضية انتحار المراهق آدم رين، الذي وجد في الذكاء الاصطناعي ملاذًا لبوح معاناته قبل أن يقوده إلى نهايته، تسلط الضوء على الفراغ العميق في التواصل البشري والحاجة الماسة إلى مساحات آمنة للكلمة والعلاقة الإنسانية الحقيقية.

إن التحليل النفسي، بما يقدمه من فهم عميق لللاوعي ودوره في تشكيل شخصية الإنسان وسلوكياته، يمثل أداة لا غنى عنها في مواجهة هذه التحديات. فهو لا يكتفي بمعالجة الأعراض الظاهرة، بل يسعى إلى استكشاف الجذور الكامنة للصراعات النفسية، مما يتيح للفرد فهمًا أعمق لذاته ولعلاقاته بالعالم. إن محاولة تهميش هذا النهج أو نزع شرعيته باسم "التماسك العلمي" أو "ترشيد النفقات" هي محاولة خطيرة لتجريد الرعاية النفسية من بعدها الإنساني والعميق.

إن "العلمية" في مجال الصحة النفسية لا يمكن أن تقتصر على النماذج الكمية أو السلوكية وحدها. فالتجربة الإنسانية، بما فيها من مشاعر وأفكار وصراعات لاواعية، تتطلب مقاربات نوعية تتيح استكشاف هذه الأبعاد المعقدة. إن العلاقة العلاجية في التحليل النفسي، القائمة على الثقة والكلمة الحرة، توفر مساحة فريدة للتحول والشفاء لا يمكن استبدالها بالبروتوكولات الجاهزة أو العلاجات الموجهة نحو الأعراض فقط.

إن تداعيات مثل هذا التعديل، حتى وإن تم سحبه، تتجاوز مجرد الجانب المالي. إنها تهدد بتدمير البنية التحتية للرعاية النفسية في فرنسا، وتهميش جيل كامل من الممارسين المدربين على فهم تعقيدات النفس البشرية. كما أنها ترسل رسالة مفادها أن بعض أشكال المعاناة النفسية أقل أهمية أو أقل استحقاقًا للدعم، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية وتقليل فرص الوصول إلى رعاية شاملة وفعالة.

في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري الدفاع عن التنوع في مقاربات الصحة النفسية، والاعتراف بالقيمة الفريدة لكل منها. إن التحليل النفسي ليس مجرد "علاج" بل هو أيضًا طريقة للتفكير في الإنسان والعالم، وهو يقدم إطارًا لفهم المعاناة الإنسانية بطرق لا تستطيع المقاربات الأخرى تقديمها. إن الحفاظ على مكانة التحليل النفسي في منظومة الرعاية الصحية هو ضمان للحفاظ على بعد أساسي من أبعاد الإنسانية في مواجهة التحديات المعاصرة.

التصنيفات:

طبيعة الخبر: محايد
هذا الخبر يقدم معلومات محايدة

الكلمات المفتاحية(2)

التعليقات

News.tn يقدم مجموعة من الأخبار المستقاة من مجموعة واسعة من المصادر الإخبارية غير العربية. يجب التنويه أن المحتوى المقدم لا يعكس بالضرورة معتقداتنا وأفكارنا كمالكي الموقع. ما هو تقييمك للمعلومات المقدمة في المقال؟

مقالات ذات صلة