تصاعد التوتر في غزة: انتهاكات للهدنة وأزمة إنسانية متفاقمة ومواقف دولية متباينة
جاري التحميل...

تصاعد التوتر في غزة: انتهاكات للهدنة وأزمة إنسانية متفاقمة ومواقف دولية متباينة
شهدت الهدنة الهشة في غزة توترًا متجددًا، حيث اتهمت السلطات المحلية إسرائيل بارتكاب مئات الانتهاكات منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 11 أكتوبر. وفي الوقت نفسه، حذر مسؤولون دوليون من أن الأمطار الغزيرة وبرد الشتاء يفاقمان أزمة إنسانية متدهورة بالفعل في القطاع المحاصر.
صرح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن القوات الإسرائيلية نفذت 393 خرقًا لوقف إطلاق النار، مما أسفر عن مقتل 279 فلسطينيًا معظمهم مدنيون، بمن فيهم أطفال ونساء وكبار سن وإصابة أكثر من 652 آخرين. وأضاف المكتب أن القوات الإسرائيلية اعتقلت 35 شخصًا خلال غارات وتوغلات، محذرًا من أن نمط الانتهاكات هذا "يقوض الاتفاق ويخلق واقعًا دمويًا يهدد الاستقرار".
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل عدة فلسطينيين زعم أنهم عبروا ما يسمى بـ "الخط الأصفر" في شمال غزة وشكلوا "تهديدًا وشيكًا" لقواته. وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بسقوط المزيد من الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية على حي الشجاعية بمدينة غزة، بالإضافة إلى تقدم آليات مدرعة في شارع الشاف شرقي المدينة.
ذكرت وزارة الصحة في غزة أن سبعة أشخاص قتلوا وأصيب 33 آخرون خلال الـ 48 ساعة الماضية. ومنذ بدء وقف إطلاق النار، سجلت الوزارة 280 وفاة و672 إصابة، بالإضافة إلى انتشال 571 جثة من تحت الأنقاض. وقد بلغ إجمالي عدد الضحايا في غزة 69,513 شخصًا، مع 170,745 جريحًا منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023.
تصاعدت التوترات بعد أن ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن واشنطن ألغت اجتماعًا مقررًا في إسطنبول بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والمسؤول في حماس خليل الحية. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمريكية قولها إن إدارة بايدن غضبت من جهود حماس لحشد المعارضة العربية للخطة الأمريكية في مجلس الأمن.
في الأمم المتحدة، انتقدت روسيا مشروع قرار مجلس الأمن الذي صاغته الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة، قائلة إنه فشل في التوافق مع القرارات الدولية الداعمة لدولة فلسطينية. وامتنعت موسكو وبكين عن التصويت، الذي مرر بدعم من 13 عضوًا. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن القرار استبعد السلطة الفلسطينية، ولم يفرض أي التزامات على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني أو سحب القوات، وهمش المجلس والأمانة العامة للأمم المتحدة من الرقابة. وأضافت أن الفيتو الأمريكي المتكرر لقرارات وقف إطلاق النار على مدى العامين الماضيين "أطال أمد الحرب ومعاناة المدنيين".
تدهورت الأوضاع الإنسانية أكثر هذا الأسبوع مع اجتياح العواصف المطيرة لغزة. وقال رئيس الإغاثة بالأمم المتحدة مارتن غريفيث إن السكان يواجهون "البرد والرطوبة وارتفاع منسوب مياه الفيضانات"، وحث إسرائيل على رفع القيود عن إيصال المساعدات. وحذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني من أن المواد الغذائية والإمدادات الأساسية لا تزال غير كافية، وأن الأسعار ترتفع، والنزوح يتفاقم مع حلول الشتاء.
في بروكسل، وجهت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز انتقادات حادة بشكل غير معتاد لدور الاتحاد الأوروبي، قائلة إن الحكومات الأوروبية "تساهم في تدمير فلسطين" من خلال مواصلة تجارة الأسلحة والتعاون البحثي مع إسرائيل. وذكرت أن 1.9 مليون فلسطيني نازح حوالي 80% من سكان غزة المتبقين "يقفون الآن في الماء بلا شيء متبقٍ لهم"، مضيفة أن المناقشات حول نماذج الدولة الواحدة أو الدولتين "لا طائل منها عندما يموت الناس كل يوم".
وفي سياق منفصل، ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن كندا واصلت إرسال معدات عسكرية إلى إسرائيل على الرغم من إعلانها وقف صادرات الأسلحة. وفي غضون ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن 300 ضابط وجندي قدموا طلبات لإنهاء خدمتهم فورًا.
داخل غزة، ناشدت البلدية للحصول على مساعدة دولية عاجلة لإزالة الطرق وإعادة الخدمات الطارئة بعد الأضرار الواسعة في البنية التحتية. وقال منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة، إن معدلات فقر الدم بين الرضع دون سن عام واحد ارتفعت إلى 82% بسبب النقص الحاد في الأدوية الأساسية، محذرًا مما وصفه بـ "إبادة صحية هندسية".
في واشنطن، زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "غزة الآن أكثر أمانًا من ذي قبل" وقال إن "مجلس سلام غزة" دوليًا تحت قيادته سيضم رؤساء دول متعددين. وأضاف أنه تم إعادة رفات إضافية لرهائن إسرائيليين إلى عائلاتهم، مع بقاء اثنين في عداد المفقودين بموجب المرحلة الأولى من خطته.
خلال اجتماع مع ترامب في البيت الأبيض، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن الرياض لا تزال مهتمة بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، لكنه شدد على أن أي خطوة إلى الأمام تتطلب "مسارًا موثوقًا به لحل الدولتين". وقال إن السعودية ناقشت مساهمتها في إعادة إعمار غزة، مضيفًا أن المبلغ النهائي سيكون "كبيرًا".
