المدن الفرنسية تتخذ إجراءات ضد التسول وتجمعات المشردين: انتهاك للحريات الأساسية

المدن الفرنسية تتخذ إجراءات ضد التسول وتجمعات المشردين: انتهاك للحريات الأساسية
بينما لم يعد التسول غير قانوني منذ عام 1994، تتخذ العديد من المدن إجراءات، خاصة في الموسم السياحي، لحظر مناطق معينة على المشردين. وتندد الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بهذا الأمر باعتباره انتهاكًا خطيرًا للحريات الأساسية.

أنجوليم، لا كورون (شارانت)، لا روشيل، شوليه (مين ولوار)، لا مادلين (نور)، لوريان (موربيهان)، سابليه-سور-سارت (سارت)، بوسي-سان-جورج (سين ومارن)، بونتواز، ميزيو (متروبول ليون)، ليرس (نور)، سان أندريه-ليز-ليل (نور)، فيرزون (شير)، نيفير... هذه كلها مدن أصدرت، منذ عام 2023، مراسيم بلدية لمكافحة «الإخلال بالنظام العام» المرتبط أساسًا بالتسول.
«نظرًا لأنه يقع على عاتق رئيس البلدية، في إطار صلاحياته الشرطية، ضمان سلامة مستخدمي الشوارع والأرصفة والساحات والطرق (...)، ونظرًا لأنه يتمتع بهذه الصفة بسلطة تقييد حرية التنقل (...)، ونظرًا لزيادة التجمعات» هي، في كل مرة، السطور الأولى لهذه المراسيم، التي تهدف إلى تحديد المساحات والمدد التي يُحظر فيها هذه «التجمعات». ويُشار دائمًا إلى مجموعات من الأشخاص وليس إلى شخص واحد، لسبب وجيه: فمنذ عام 1994، لم يعد التسول جريمة، وبالتالي فإن احتلال المجال العام يُعتبر، من حيث المبدأ، حرًا.
تثير هذه المراسيم البلدية قلقًا عميقًا لدى منظمات حقوق الإنسان، التي ترى فيها محاولة للتحايل على القانون وتجريم الفقر. فبدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للتسول والتشرد، تلجأ السلطات المحلية إلى إجراءات قمعية تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع. هذه السياسات لا تحل المشكلة، بل تدفع المشردين والمتسولين إلى مناطق أخرى، مما يزيد من تهميشهم ويصعب عليهم الوصول إلى المساعدات والخدمات الأساسية.
تؤكد الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التنقل والحق في الكرامة. وتدعو إلى تبني مقاربات أكثر إنسانية وفعالية، تركز على توفير المأوى والدعم الاجتماعي والرعاية الصحية للمشردين، بدلاً من ملاحقتهم وتغريمهم. إن الحلول المستدامة تتطلب استثمارًا في البرامج الاجتماعية التي تعالج الفقر والبطالة والإقصاء، وليس مجرد إبعاد المشكلة عن الأنظار.
يجب على المدن أن تدرك أن الأمن والنظام العام لا يمكن تحقيقهما على حساب حقوق الإنسان الأساسية. فالمجتمع العادل هو الذي يحمي أفراده الأكثر ضعفًا ويوفر لهم سبل العيش الكريم، بدلاً من معاقبتهم على ظروفهم الصعبة. إن النقاش حول هذه المراسيم يسلط الضوء على التوتر المستمر بين الحاجة إلى النظام العام وضرورة صون الحريات الفردية والكرامة الإنسانية.