المدعية العسكرية الإسرائيلية تكشف عن فضيحة تعذيب واغتصاب في سجن سدي تيمان وتثير أزمة سياسية

في خضم حرب غزة عام 2024، وُجهت اتهامات لجنود إسرائيليين بتعذيب واغتصاب سجين فلسطيني. وقد ثار اليمين المتطرف الإسرائيلي غضباً، متهماً المدعية العسكرية العامة يفعات تومر-يروشالمي بتوجيه اتهامات باطلة للجنود وتشويه سمعة الجيش. خلال الفترة نفسها، بثت قناة CNN الأمريكية مقطع فيديو يظهر عنفاً جنسياً ارتُكب بحق معتقل فلسطيني، وكشفت عن وجود معسكر اعتقال مروع يُدعى "سدي تيمان" في صحراء النقب حيث وقعت الأحداث. وفي نهاية الأسبوع الماضي، اتخذت الأمور منعطفاً درامياً أشبه بفيلم إثارة! (صورة: قاعدة سدي تيمان العسكرية، جنوب إسرائيل، حيث اتُهم جنود إسرائيليون بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق معتقل فلسطيني. تصوير: أفيشاغ شعار-ياشوف لصحيفة نيويورك تايمز).

عماد بحري

كشفت المدعية العسكرية العامة، التي تعرضت لضغوط للاستقالة من قبل رئيس الأركان الجديد إيال زامير، يوم الجمعة الماضي في رسالة استقالتها أنها هي من سربت مقاطع الفيديو لوسائل الإعلام، بما في ذلك مقطع CNN الذي يكشف عن الانتهاكات والاغتصاب. وقالت إنها تصرفت بهذه الطريقة لمواجهة دعاية اليمين المتطرف الذي اتهمها بتشويه سمعة العسكريين في زمن الحرب.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، تركت يفعات رسالة وداع موجهة لأطفالها واختفت. وبدأت عمليات البحث بعد العثور على سيارتها مهجورة بالقرب من شاطئ شمال تل أبيب. صدرت تعليمات من أعلى المستويات في الجيش والدولة بضرورة العثور عليها قبل أن تقدم على أي فعل، وهو ما تم بالفعل. لم يكن الهدف حماية حياتها بل معاقبتها. وبمجرد العثور عليها، تم اعتقالها.

انقسامات سياسية في إسرائيل

بنيامين نتنياهو، الذي يكن لها عداءً شديداً، اتهمها بأنها أضرت بشكل خطير بصورة إسرائيل وجيشها، لأنه بالإضافة إلى الجرائم التي ارتكبها الجنود والتي تم الكشف عنها، فقد سمحت أيضاً بالكشف عن وجود سدي تيمان، وأخيراً، أظهرت أن في قلب مؤسسات الدولة والجيش على وجه الخصوص، هناك أشخاص يتمردون على الجرائم والتعذيب، بينما كان موقف الدولة العبرية حتى الآن هو إنكار كل شيء واتهام أي طرف يوجه مثل هذه الاتهامات بالكذب.

أفادت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاثنين أن محامي الجنود الإسرائيليين المتهمين بتعذيب السجين الفلسطيني طالبوا بإسقاط التهم بعد استقالة المدعية العسكرية العامة، التي اعترفت بتسريب مقطع فيديو يوثق الانتهاكات. وأوضحت الصحيفة أن هذا التسريب أثار أزمة سياسية وقانونية خطيرة، كاشفاً عن الانقسامات داخل إسرائيل بشأن مسؤولية الجنود عن تجاوزاتهم ضد الفلسطينيين، في سياق ضغوط وطنية ودولية متزايدة.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الاستقالة زادت من تعقيد الوضع السياسي. وطالب المحامون الذين يمثلون مجموعة الجنود الإسرائيليين المتهمين بسوء معاملة سجين فلسطيني يوم الأحد بإغلاق القضية، مدعين أن الإجراءات القضائية مشكوك فيها بعد سلسلة من الأحداث المثيرة للجدل التي هزت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

جاءت تصريحاتهم خلال مؤتمر صحفي أعقب اعتراف المدعية العسكرية العامة، اللواء يفعات تومر-يروشالمي، بأنها سمحت بنشر لقطات المراقبة بالفيديو التي توثق مزاعم سوء المعاملة، بهدف كما زعمت مواجهة الدعاية الكاذبة التي تستهدف السلطات العسكرية المكلفة بإنفاذ القانون.

موجة من الانتقادات الدولية

ومع ذلك، بدلاً من تهدئة الجدل، أدى التسريب إلى تفاقم الانقسامات السياسية في إسرائيل وأثار موجة جديدة من الانتقادات الدولية بشأن معاملة المعتقلين الفلسطينيين.

في فبراير الماضي، وجهت النيابة العسكرية اتهامات لخمسة جنود احتياط بالاعتداء على معتقل فلسطيني وإصابته بجروح خطيرة في سجن سدي تيمان العسكري، جنوب إسرائيل، عام 2024. ورغم وقوع الاغتصاب، لم يتم إدراجه كتهمة.

ووفقاً للائحة الاتهام، قام الجنود بكسر أضلاع المعتقل، وثقب رئته اليسرى، وتمزيق مستقيمه باستخدام أداة حادة.

لم يتم الكشف عن هوية المعتقل وأسماء الجنود الخمسة، وذلك بموجب أمر حظر نشر.