رافائيل غلوكسمان يواجه تحدي الهبوط السياسي بعد مناظرة زمور وتراجع شعبيته

ليس الأصعب هو السقوط، بل الهبوط. هذا هو التحدي الذي يواجهه السياسي الفرنسي رافائيل غلوكسمان في هذه المرحلة الحرجة من مسيرته. فكيف سيتمكن من الهبوط بسلام بعد مناظرته التي وُصفت بالفاشلة أمام إريك زمور، وفي الوقت الذي يشير فيه الكثيرون في اليسار إلى تراجع نجمه في استطلاعات الرأي؟ هذه التساؤلات تتردد بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية، مما يضع غلوكسمان تحت ضغط هائل لإثبات قدرته على الصمود.

لم تتردد الأسبوعية "ماريان" في طرح سؤال حاد ومباشر: "هل يجب فصل غلوكسمان؟" هذا السؤال يعكس حجم الشكوك التي تحيط بمستقبله السياسي وقدرته على قيادة تيار يساري موحد. جاء رد المعني بالأمر على إذاعة RTL، متحدثًا عن نفسه بصيغة الغائب، ليؤكد على موقفه الثابت: "لن يفصل أحد غلوكسمان." هذه العبارة تحمل في طياتها تحديًا واضحًا لكل من يشكك في استمراريته أو يطالبه بالتنحي.

يُعرف غلوكسمان بتكراره الدائم لرفضه القاطع المشاركة في أي انتخابات تمهيدية لليسار، حتى لو كانت بدون جان لوك ميلانشون. هذا الموقف يعكس رغبته في الحفاظ على استقلاليته السياسية وتجنب الانجرار إلى صراعات داخلية قد تضعف موقفه. ويواصل غلوكسمان التأكيد على أن "لن يفصلني أحد عن النضال الذي يهدف إلى منع فرنسا من الانزلاق إلى معسكر أوربان وبوتين وترامب، بانتخاب رئيس من التجمع الوطني." هذا التصريح يحدد بوضوح معركته الأيديولوجية، ويربطها بقضايا أوسع تتجاوز السياسة الفرنسية الداخلية، لتشمل القيم الديمقراطية والتوجهات الأوروبية.

إن غلوكسمان، الذي أصبح هدفًا للعديد من الانتقادات من داخل معسكره السياسي وخارجه، يرى في نفسه المدافع عن قيم الجمهورية الفرنسية وأوروبا الموحدة في وجه ما يعتبره تهديدًا من اليمين المتطرف والشعبوية. فالمنافسة مع التجمع الوطني، بقيادة مارين لوبان، تمثل بالنسبة له معركة وجودية لمستقبل فرنسا. ورغم تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، فإنه يصر على أن التحدي الحقيقي ليس في الحفاظ على مكانته الشخصية، بل في منع تحول فرنسا نحو نموذج سياسي يراه متناقضًا مع مبادئها الأساسية.

في ظل هذه الظروف، يظل غلوكسمان متمسكًا برؤيته، مؤكدًا أن التحديات الراهنة لا تثنيه عن مواصلة نضاله. فالمعركة ضد القوى التي يصفها بأنها تسعى لتقويض الديمقراطية والقيم الأوروبية هي بالنسبة له أولوية قصوى، بغض النظر عن الصعوبات التي يواجهها على الساحة السياسية الفرنسية.