تونس تفقد المؤرخ والأكاديمي البارز علي المحجوبي عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الأسبق
جاري التحميل...

تونس تفقد المؤرخ والأكاديمي البارز علي المحجوبي عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الأسبق

فقدت الساحة الأكاديمية والتاريخية التونسية اليوم، الاثنين 20 أكتوبر 2025، المؤرخ والجامعي البارز علي المحجوبي، العميد الأسبق لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والفكري.
شغل علي المحجوبي منصب عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس بين عامي 1993 و1996، وهي فترة شهدت تطورات مهمة في المشهد الأكاديمي التونسي. كان المحجوبي متخصصًا بارزًا في التاريخ المعاصر، وقد كرّس جلّ أعماله وبحوثه لدراسة العالم العربي وقضايا فك الاستعمار في دول المغرب العربي. تعتبر دراساته في هذا المجال مرجعًا أساسيًا لفهم التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة خلال القرن العشرين، وكيفية تشكل الهويات الوطنية بعد عقود من الهيمنة الأجنبية.
المحجوبي، الذي ينحدر من مدينة جبنيانة الساحلية، لم يقتصر دوره على التدريس والعمادة فحسب، بل كان أيضًا باحثًا نشطًا ومثمرًا في المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، حيث ساهم في توثيق وتحليل مراحل النضال الوطني التونسي. وبعد ثورة 2011، اضطلع بدور محوري كعضو في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. هذا الدور يعكس التزامه العميق بالقضايا الوطنية والمجتمعية، ورغبته في المساهمة في بناء مستقبل تونس على أسس العدالة والديمقراطية.
وقد عبر العديد من الأكاديميين والجامعيين عن حزنهم العميق لرحيل "رجل عظيم لا يُمحى ذكره، وأستاذ متميز في محاضراته، قام بتكوين أجيال من المؤرخين، وغرس فيهم الدقة المنهجية، والأمانة الفكرية، والشجاعة على التفكير النقدي ومواجهة الروايات السائدة". هذه الشهادات تؤكد الأثر الكبير الذي تركه في تلاميذه وزملائه، ليس فقط من خلال المعرفة التي قدمها، بل أيضًا من خلال القيم والمبادئ التي جسدها في مسيرته الأكاديمية والإنسانية. لقد كان المحجوبي نموذجًا للأستاذ الذي يلهم طلابه ويشجعهم على البحث عن الحقيقة وتحدي المسلمات.
إن رحيل الأستاذ علي المحجوبي يمثل خسارة فادحة للجامعة التونسية وللمشهد الثقافي والفكري في البلاد. سيبقى إرثه العلمي والأكاديمي حيًا من خلال أعماله المنشورة والأجيال التي تتلمذت على يديه، والتي ستحمل مشعل البحث التاريخي والنقدي. تونس تودع اليوم قامة علمية وفكرية تركت بصمة لا تُمحى في تاريخها المعاصر، وستظل ذكراه خالدة في قلوب من عرفوه واستفادوا من علمه.
