تأجيل اتفاقية الاتحاد الأوروبي وميركوسور: احتجاجات المزارعين والانقسامات الأوروبية تعرقل أكبر منطقة تجارة حرة

قصة من الداخل

تأجل إبرام صفقة تجارية ضخمة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور، وذلك رغم عقود طويلة من التحضير والمفاوضات التي استمرت لأكثر من 25 عامًا. كان من المتوقع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، مما يفتح أسواقًا جديدة ويُعزز التبادل التجاري بين القارتين.

يحتج المزارعون الأوروبيون بشدة ضد اتفاقية الاتحاد الأوروبي وميركوسور، معربين عن مخاوفهم من المنافسة غير العادلة التي قد تنجم عن تدفق المنتجات الزراعية من أمريكا الجنوبية، والتي غالبًا ما تكون أقل تكلفة بسبب اختلاف معايير الإنتاج والبيئة. هذه الاحتجاجات الواسعة النطاق، التي شهدت مظاهرات في عدة عواصم أوروبية، ساهمت بشكل كبير في الضغط على الحكومات الأوروبية لاتخاذ موقف حذر.

يأتي هذا التأجيل في التوقيع، الذي أُرجئ حتى شهر يناير، نتيجة لخلافات عميقة داخل أوروبا نفسها. فبينما تدعم بعض الدول الأعضاء الاتفاقية لما لها من فوائد اقتصادية محتملة، تعارضها دول أخرى بشدة، خاصة تلك التي لديها قطاعات زراعية قوية تخشى التداعيات السلبية. هذه الانقسامات تعكس تعقيد المصالح الاقتصادية والسياسية داخل الاتحاد الأوروبي.

إن الاتفاق الأوروبي-الأمريكي الجنوبي، الذي خُطط له لأكثر من ربع قرن، يهدف إلى إزالة الحواجز الجمركية وتسهيل التجارة في مجموعة واسعة من السلع والخدمات. كان يُنظر إليه على أنه خطوة استراتيجية لتعزيز النفوذ الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في أمريكا اللاتينية، وتوفير فرص جديدة للشركات الأوروبية، وفي المقابل، منح دول ميركوسور (الأرجنتين، البرازيل، باراغواي، أوروغواي) وصولاً أوسع إلى السوق الأوروبية الضخمة.

فلماذا يوجد هذا الانقسام؟ تكمن الأسباب الرئيسية في التباين بين المصالح الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المخاوف البيئية المتزايدة. يرى المنتقدون أن الاتفاق قد يؤدي إلى تفاقم إزالة الغابات في منطقة الأمازون، حيث قد تزيد الحاجة إلى الأراضي الزراعية لتلبية الطلب الأوروبي. كما أن هناك قلقًا بشأن معايير سلامة الغذاء وجودة المنتجات المستوردة.

هذا التأجيل يضع مستقبل الاتفاقية على المحك، ويُبرز التحديات التي تواجه صياغة وتنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة الكبرى في عالم تتزايد فيه الحساسيات البيئية والاجتماعية. سيتعين على الأطراف المعنية إيجاد حلول وسط لمعالجة هذه المخاوف إذا ما أرادت لهذه الصفقة التاريخية أن ترى النور في نهاية المطاف.

المقدمة: فولي باه تيبو

الضيوف:

بيتر كليبه رئيس تحرير موقع BrusselsReport.eu
كيران مولولي عضو البرلمان الأوروبي عن مجموعة "أيرلندا المستقلة"
غوستافو ريبيرو مؤسس ورئيس تحرير صحيفة "برازيليان ريبورت" الإلكترونية