21 نوفمبر 2025 في 07:23 م
news.tn
أخبار.تن - شعار الموقع
عاجل

التعددية المبتذلة لا تعرف السياسة: مقارنة بين الحزب الوطني وتجارب الموالاة الحالية

Admin User
نُشر في: 20 نوفمبر 2025 في 01:01 ص
5 مشاهدة
4 min دقائق قراءة
المصدر: Al-Masry Al-Youm
0 إعجاب
0 حفظ
0 مشاركة
مشاركة على:

جاري التحميل...

التعددية المبتذلة لا تعرف السياسة: مقارنة بين الحزب الوطني وتجارب الموالاة الحالية

التعددية المبتذلة لا تعرف السياسة: مقارنة بين الحزب الوطني وتجارب الموالاة الحالية

لقد تبين من التجربة أن من بين الجوانب المضيئة النادرة في التركيبة السلطوية لنظام مبارك كان وجود حزب حاكم يساهم في صياغة السياسات ويشارك في إدارة الدولة وفقًا لمقتضيات ومتطلبات أجندة الحكم. استطاعت كوادر الحزب إدارة ملفات، مثل الانتخابات، بطريقة تتسم بقدر من مراعاة التوازنات والضوابط التي ساعدت في بناء والحفاظ على تحالف سياسي يساند الحكم، بالإضافة إلى التحالف الاجتماعي السائد. ولم يكن الأمر مجرد أن النظام السابق تميز في إدارته العليا بمجموعة من العقول المتمرسة في السياسة فحسب، بل إن هذه العقول عملت ضمن سياق مليء بالأدوات السياسية والتنظيمية الكافية لمراعاة الرأي العام، في الوقت نفسه الذي كانت تُنفذ فيه قدرًا كبيرًا من السياسات التي لم تلقَ القبول الشعبي، وهذا السياق كان يتمثل في كيان الحزب الوطني الديمقراطي الذي ورث تراثه التنظيمي عن الاتحاد الاشتراكي السابق، وامتلك جهاز عمل به قدر يسير من الخبرات السياسية المتراكمة عبر الأجيال.

لم يعد بإمكاننا إخفاء حالة الشوق إلى الماضي التي تنتاب السياسيين وغير السياسيين إلى حقبة الحزب الوطني التي اكتسبت بعضًا من الحكمة السياسية إذا ما قورنت بما لحقها من تجارب حزبية مرتبطة بالسلطة. وبالفعل، لقد ابتذلنا وأفرغنا في الحالة الراهنة مفهوم التعددية الحزبية من مضمونه إلى الحد الذي أوجد قدرًا من فوضى الموالاة والتأييد المنعكسة بشكل مباشر على الانتخابات البرلمانية الحالية. لم يعد هناك أي سبب موضوعي كافٍ لوجود هذا التنوع في أحزاب لا تحمل أي اختلافات عملية في البرامج والرؤى والانحيازات، كل ما في الأمر أنها أحزاب تتبع إدارات حكومية مختلفة، وهي إدارات معنية بتحقيق التوازن، لكن ليس التوازن السياسي والاجتماعي العام، بل توازن القوة فيما بينها.

لا تخدم أحزاب الموالاة الحالية، على اختلاف أسمائها، أي هدف بعيد المدى للنظام السياسي؛ فهي لا تساهم في تدريب واكتساب الخبرة للسياسيين المؤيدين للسياسات الحاكمة، ولا تساهم في إيصال أصوات متعددة من المعسكر الواحد المؤيد للنظام، ولا تساهم حتى في تحقيق مجرد التعددية الصورية التي قد تساهم في تجميل أي مشهد سياسي.

كان الحزب الوطني، في جوهر وظيفته السياسية، جهازًا لإنتاج الكادر الذي يحمل خبرة الدولة ووعيها بتعقيدات إدارتها. تجاوز الحزب مجرد كونه وعاءً تنظيميًا يُحشد داخله الموالون، بل كانت تتراكم فيه خبرات الاحتكاك العملي بالانتخابات، وبناء العلاقات الأفقية والرأسية داخل البيروقراطية والمجتمع، وكان يوجد داخله قدر لا بأس به من المعايير في اختيار القيادات والممثلين البرلمانيين. كل ذلك لم يعد موجودًا الآن.

يجب أن ننتبه هنا إلى أن المشكلة التي نتعامل معها في التو واللحظة ليست تلك المشكلة التقليدية، حيث تحاصر السلطات الحاكمة الأحزاب المعارضة وتمنع التنظيم وتضيق على التجمعات، بل إننا أمام فشل في بناء معسكر منظم وحاشد يراعي أبعاد السياسة والرأي العام، أي الفشل في بناء أحزاب تقوم بمهامها في الحشد والتأييد. وسبب هذا الفشل بسيط جدًا وواضح للجميع، وهو أن من يدير هذه الأحزاب كوادر لا تنتمي لمجال المعرفة السياسية، بل لمجال خبرات البيروقراطية المصرية التي لا تعرف السياسة ولا تحترمها.

السؤال الذي يشغلني الآن هو: لماذا نتكبد كل هذا العناء؟ للحزب الحاكم دور أساسي في النظم السياسية الحديثة، فهو الوعاء الذي تُعاد داخله صياغة توجهات الدولة وتحويلها إلى سياسات قابلة للتنفيذ، وهو الآلية التي تمنح السلطة مركزًا سياسيًا واضحًا يقاس عليه الأداء وتُبنى حوله التحالفات. هل نخشى أن يُعاد إنتاج المحسوبية السياسية للحزب الوطني السابق بصورة فجة؟ لقد تحقق أمامنا اليوم ما هو أكثر سوءًا من ذلك بالفعل.

الخلاصة أن تجربة تعددية الموالاة الآن لا تخدم أي غرض عملي. يعرف المهتمون بالسياسة أن للأحزاب الحاكمة أدوارًا أساسية، هي بناء كادر سياسي قادر على إدارة أمور السياسة بالممارسة، ويحافظ على وحدة التحالف الحاكم (بل ووحدة الطبقة الحاكمة) داخل وعاء تنظيمي واحد تحت مظلة سياسية واحدة. وفي الحالة المصرية، فالحزب الحاكم كان له دور في تغليب الاعتبارات السياسية على أي اعتبار آخر. وهو العنصر الذي أطال أمد نظام مبارك حتى تغيرت فيه مراعاة الضوابط والتوازنات. يبدو أن حالة الخوف أو الهوس من أي تنظيم سياسي فعال قد طالت جميع المناحي، بما فيها تنظيم المؤيدين، بينما الأمر لا يستحق كل هذا العناء.

طبيعة الخبر: محايد
هذا الخبر يقدم معلومات محايدة

الكلمات المفتاحية(2)

التعليقات

News.tn يقدم مجموعة من الأخبار المستقاة من مجموعة واسعة من المصادر الإخبارية غير العربية. يجب التنويه أن المحتوى المقدم لا يعكس بالضرورة معتقداتنا وأفكارنا كمالكي الموقع. ما هو تقييمك للمعلومات المقدمة في المقال؟

مقالات ذات صلة