ازدواجية المعايير الغربية: زيلينسكي يدين احتلال أوكرانيا ويتجاهل احتلال فلسطين

ازدواجية المعايير الغربية: زيلينسكي يدين احتلال أوكرانيا ويتجاهل احتلال فلسطين
تتجه أنظار الأخبار كلها نحو أوكرانيا. الجميع يريد إنقاذ فولوديمير زيلينسكي، الذي تحتل روسيا جزءًا من بلاده، بينما يواصل صديقه الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، احتلال غزة وأجزاء كاملة من الضفة الغربية وقتل الفلسطينيين جماعيًا... لا تزال العقلية الاستعمارية الغربية تتمتع بأيام مشرقة أمامها...
عبد العزيز دهماني *

في الآونة الأخيرة، تتجه كل الأضواء نحو حرب أوكرانيا، وضرورة إيقافها لمنع كارثة، وسقوط الصديق زيلينسكي، «إنقاذ الجندي زيلينسكي»، ومنع فلاديمير بوتين من تأكيد المزيد من القوة والمطامع... إن الصور الأخيرة للقادة الأوروبيين الرئيسيين وهم يجلسون بوداعة في البيت الأبيض بواشنطن، وكأنهم في غرفة انتظار طبيب، قبل أن يتم استقبالهم، هي صور مهينة، ولكن ماذا لن يفعلوا لإنقاذ نظام الرئيس الأوكراني، بعد أن اعترفوا بأن ادعاءاته السابقة بالانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، وأن يصبح الموقع الأكثر تقدمًا للغرب في مواجهة بوتين وروسيا المقدسة، هي أمور غير قابلة للتحقيق...
لقد تحطمت كل هذه الأوهام بالفعل على جدار الواقع، ولم يعد الأمر يتعلق إلا بإنقاذ زيلينسكي ونظامه... يجب القول إن هذا النظام يشكل جزءًا من تماسك أوروبي وأمريكي ومؤيد لإسرائيل.
كان ذلك قبل 7 أكتوبر 2023... كان السلام الإسرائيلي الأمريكي يسير على طريق مفتوح. القضية الفلسطينية منسية، وحتى المملكة العربية السعودية كانت على وشك الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام. زيلينسكي ليس سوى بيدق في كل هذا. وهو، الممثل المحترف السابق، كان مستعدًا لهذه اللعبة. حتى برنار هنري ليفي أصبح أحد مرشديه، وكان يغدق عليه الكثير من النعم. لنتذكر إشاداته بساحة الميدان... وتأكيدات زيلينسكي حول الديمقراطية الإسرائيلية العظيمة لـ... نتنياهو.
ولكن ها هو الأمر، وقد تفاقم بشكل كبير مع غزة، التي أصبحت أكبر مقبرة في العالم، بعد أن كانت أكبر سجن، مع عمليات القتل الجماعي للمسنين والنساء والأطفال، بعشرات الآلاف، وتدمير دور الحضانة والمدارس والمستشفيات التي قُصفت بوحشية...
وها هو زيلينسكي، الأوروبي، المؤيد لإسرائيل، الصديق الوفي لنتنياهو، القاتل، المحتل، المستوطن، القاتل بلا ضمير، يدين احتلال روسيا لبوتين للأراضي الأوكرانية. لكنه لا يدين احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية. وبنفس الطريقة، يعترف لإسرائيل بالحق في الدفاع عن أمنها ضد حماس من خلال احتلال غزة، بينما ينكر هذا الحق نفسه على روسيا، التي لن تقبل أبدًا رؤية صواريخ الناتو مثبتة في أوكرانيا وتقترب بذلك بشكل خطير من موسكو أو سانت بطرسبرغ، لينينغراد سابقًا، مدينة بوتين المفضلة.
ترامب، الذي يسعى إلى صقل مجده الزائف، يريد إيجاد حل للمأساة الأوكرانية، دون إزعاج... بوتين، وقبل أمس، قال إن هذا الحل قد يسمح له، ربما، بالوصول إلى الجنة (هكذا قال!)، كما صرح لفوكس نيوز. جنة المسيحيين واليهود، بالطبع.
والفلسطينيون؟ أي فلسطينيين؟
انظروا إلى الصورة المرفقة... في يناير 2020، زيلينسكي، بقميص أبيض وربطة عنق، وقبعة الكيباه على رأسه، مليئًا بالخشوع، يضع يده على حائط المبكى في القدس. لقد جاء في ذلك اليوم للتعبير عن دعمه وتضامنه مع نتنياهو، وهو دعم وتضامن جدده له في خضم احتلال غزة والإبادة الجماعية المرتكبة ضد الفلسطينيين... وفي الصحافة، قد تتحدث الصورة أحيانًا أفضل من عشرة آلاف كلمة.
* صحفي.