إرهاق وإصابات: تقويم بطولات التنس يثير غضب اللاعبين والنقاد
جاري التحميل...
إرهاق وإصابات: تقويم بطولات التنس يثير غضب اللاعبين والنقاد
يبدو أن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث في عالم التنس: فالعديد من أفضل اللاعبين في العالم ينهون العام وهم منهكون تمامًا. ستُقام آخر بطولة ماسترز 1000 لهذا الموسم وهي أعلى فئة من البطولات بعد بطولات الغراند سلام في أرينا باريس لا ديفانس (من 27 أكتوبر إلى 2 نوفمبر)، بدون ثلاثة من أفضل عشرة لاعبين. فقد أعلن الصربي نوفاك دجوكوفيتش (الخامس عالميًا)، والبريطاني جاك دريبر (التاسع)، والدنماركي هولغر رون (العاشر) انسحابهم. وقد يغيب الأخير عن الملاعب لمدة عام كامل، والسبب هو تمزق في وتر أخيل تعرض له خلال نصف نهائي بطولة ستوكهولم، يوم السبت 18 أكتوبر.
"هولغر هو الأخير في قائمة طويلة (...) هذا النوع من الإصابات غالبًا ما يحدث بسبب الإرهاق"، هكذا أعربت والدته، أنيكي رون، عن أسفها فور وقوع الحادثة. واتهمت رابطة محترفي التنس (ATP)، الهيئة التي تدير جولة المحترفين للرجال، بعدم بذل ما يكفي "للحفاظ على صحة" اللاعبين. يتنقل اللاعبون بين جدول مزدحم بالبطولات من أحداث ATP إلى كأس ديفيس، ناهيك عن بطولات الغراند سلام والمباريات الاستعراضية التي أصبحت مربحة لدرجة يصعب رفضها مما قد يمثل، في المجمل، أكثر من ثلاثة وثلاثين أسبوعًا من المنافسة.
إن تمديد بطولات الماسترز 1000، التي كانت تُقام في السابق على مدى أسبوع واحد، لتصبح بطولات تمتد لأكثر من عشرة أيام، قد أضاف عبئًا كبيرًا على اللاعبين. فزيادة عدد المباريات في كل بطولة، بالإضافة إلى الحاجة المستمرة للسفر بين القارات، يقلل من فترات الراحة والتعافي الضرورية. هذا التغيير، الذي يهدف غالبًا إلى زيادة الإيرادات وجذب المزيد من الجماهير، يأتي على حساب صحة اللاعبين وقدرتهم على تقديم أفضل مستوياتهم باستمرار.
لا تقتصر المشكلة على البطولات الرسمية فحسب، بل تمتد لتشمل المباريات الاستعراضية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من جدول العديد من اللاعبين. هذه المباريات، التي غالبًا ما تُقام في فترات الراحة القصيرة بين المواسم أو البطولات الكبرى، تقدم حوافز مالية مغرية يصعب على اللاعبين رفضها. ومع ذلك، فإن المشاركة فيها تزيد من عدد الساعات التي يقضيها اللاعبون في الملاعب، مما يفاقم من الإرهاق الجسدي والنفسي ويجعلهم أكثر عرضة للإصابات الخطيرة.
تؤثر هذه الجداول المزدحمة بشكل مباشر على مسيرة اللاعبين المهنية. فبدلاً من الاستمتاع بمسيرة طويلة ومستقرة، يجد العديد منهم أنفسهم مضطرين للتعامل مع إصابات متكررة قد تقصر من حياتهم المهنية أو تقلل من فرصهم في الفوز بالألقاب الكبرى. كما أن الضغط المستمر يؤثر على الصحة العقلية للاعبين، مما قد يؤدي إلى الإرهاق الذهني وفقدان الشغف باللعبة.
لقد أثار هذا الوضع نقاشات حادة داخل مجتمع التنس. فكثير من اللاعبين السابقين والحاليين، بالإضافة إلى المدربين والخبراء، يدعون إلى إعادة النظر في هيكلة التقويم السنوي. يطالبون بجدول أكثر توازنًا يضمن فترات راحة كافية ويقلل من مخاطر الإصابات. ومع ذلك، فإن التحدي يكمن في التوفيق بين مصالح الجهات المنظمة المختلفة، مثل رابطة محترفي التنس (ATP)، والاتحاد الدولي للتنس (ITF)، ومنظمي بطولات الغراند سلام، الذين غالبًا ما تكون لديهم أولويات مختلفة.
من بين الحلول المقترحة تقصير الموسم، أو فرض فترات راحة إلزامية، أو وضع قيود على عدد البطولات التي يمكن للاعب المشاركة فيها خلال العام. كما يتم بحث إمكانية تغيير صيغ بعض البطولات لتقليل العبء البدني. إن الهدف الأسمى هو إيجاد توازن يحافظ على جاذبية اللعبة وقيمتها التجارية، مع ضمان صحة ورفاهية اللاعبين الذين هم عماد هذه الرياضة.
إن مستقبل التنس الاحترافي يعتمد بشكل كبير على كيفية معالجة هذه القضية الملحة. فإذا استمرت الإصابات في التزايد وانسحب النجوم من البطولات الكبرى، فإن ذلك سيؤثر سلبًا على شعبية اللعبة وجودة المنافسة. لذا، فإن اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية اللاعبين ليس مجرد مسألة أخلاقية، بل هو ضرورة حتمية لضمان استمرارية وازدهار رياضة التنس على المدى الطويل.
