Logo

Cover Image for ينبغي للقطاع المالي أن يولي اهتماما أكبر لمخاطر الكابلات البحرية

ينبغي للقطاع المالي أن يولي اهتماما أكبر لمخاطر الكابلات البحرية


ابق على اطلاع بالتحديثات المجانية

كل ما عليك فعله هو الاشتراك في نشرة التكنولوجيا myFT Digest — والتي يتم إرسالها مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بك.

ولكن ما هو الخطر الأكبر الذي يلاحق التمويل العالمي اليوم؟ هناك قائمة طويلة ومحزنة من الخيارات: الديون المتصاعدة، وأسعار الفائدة المتقلبة، والصراعات الجيوسياسية و/أو الإخفاقات السيبرانية مثل تلك التي أطلقتها شركة كراود سترايك ومايكروسوفت عن طريق الخطأ. ولكن هناك مسألة أخرى تستحق المزيد من النقاش: الكابلات البحرية تحت الماء.

في العادة، يغيب هذا الموضوع عن الأنظار، حرفيا ومجازيا. وذلك لأن الثقافات الغربية تصور الإنترنت عادة على أنه شيء غير مجسد (مثل “السحابة”)، في حين تركز وسائل الإعلام على الأقمار الصناعية المبهرة، مثل تلك التي يديرها إيلون ماسك.

ولكن كما لاحظ علماء الأنثروبولوجيا مثل ألكسندر لومونييه منذ فترة طويلة، فإن هذا الإطار الثقافي هو وهم خطير: فالإنترنت متجذر في البنية التحتية المادية، حيث يمر أكثر من 99% من حركة المرور العالمية عبر كابلات بحرية. وهذا يشمل 10 تريليون دولار من المعاملات المالية اليومية على منصات مثل سويفت التي تحرك الأسواق العالمية.

فضلاً عن ذلك فإن هذه الكابلات قد تتعرض للتلف نتيجة للكوارث الطبيعية (مثل موجات المد البحري)، أو الحوادث (مثل مرساة السفينة)، أو الهجمات المتعمدة. والمشكلة أشبه بالمشكلة التي تفجرت مع السكك الحديدية الفرنسية أثناء الألعاب الأوليمبية: فإذا قام شخص ما بتخريب أحد الكابلات فإن حركة المرور تتوقف.

الخبر السار هو أن مهندسي الإنترنت يدركون هذه الحقيقة تمام الإدراك، وهم يقومون بالفعل بإصلاح نحو 200 عطل في الكابلات الخمسمائة الموجودة كل عام، ومعظمها بسبب الحوادث. والأفضل من ذلك أن الوعي بهذا الأمر آخذ في الارتفاع في بعض الدوائر المالية. والأمر الأكثر أهمية هو أنه عندما حدث عطلان ضخمان غامضان في البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق الأوسط في عام 2008، أصيب كبار المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي بالذعر الشديد إلى الحد الذي دفعهم إلى التعاون مع كبار مهندسي الإنترنت لإنشاء ما يسمى بمبادرة “روجوتشي” لضمان موثوقية البنية الأساسية لكابلات الاتصالات البحرية العالمية.

وقد أدى هذا إلى صدور تقرير في عام 2010 وإثارة اجتماعات العصف الذهني في أماكن مثل جولدمان ساكس. وفي وقت لاحق، قدمت مؤسسة الأبحاث البريطانية Policy Exchange تحليلاً قوياً، كتبه ريشي سوناك، الذي كان آنذاك مجرد عضو في البرلمان. وحذر التحليل من أنه “باستثناء الحرب النووية أو البيولوجية، من الصعب التفكير في تهديد يمكن وصفه بشكل أكثر مبررًا بأنه وجودي” من “فشل كارثي لشبكات الكابلات البحرية”.

ولكن النبأ السيئ هو أن المخاطر تتزايد الآن: إذ يشير تقرير روجوتشي المحدث الذي لم يُنشر حتى الآن إلى أن التهديد الرئيسي في الماضي كان “التخريب والإرهاب المحلي”، ولكنه الآن أصبح “أعمالاً عدائية مدمرة مادياً” ترتكبها دول قوية “تمتلك مهارات عظيمة”. والواقع أن الزعماء الروس هددوا بالفعل بهذا.

في غضون ذلك، تتزايد الحوادث الغامضة. ففي عام 2022، تعرض خط أنابيب الغاز “نورد ستريم” عبر بحر البلطيق للتخريب. ومؤخرا، أبلغت السويد عن تعرض كابل بيانات للتخريب، وتخوض إستونيا صراعا دبلوماسيا مع الصين بشأن “حادث” مزعوم.

في تقرير جديد صادر عن مؤسسة تبادل السياسات، حذر جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، من أن “عصر الحرب في قاع البحار قد وصل إلى منطقة أوروبا الأطلسية، وربما تحذو مناطق أخرى متنازع عليها حذوه قريباً”. أو كما تشير مجموعة روجوتشي: “إن العيب النظامي الذي يهدد الأمن القومي الأميركي وحلفائه (حول الكابلات)، يعرض البنية المالية العالمية بأكملها لخطر واضح وحاضر”.

ولكن هل من حل؟ إن الحكومة الأميركية تلاحق الخيارات العسكرية: ففي هذا الأسبوع ظهرت تقارير تفيد بأن الغواصات المتقدمة مثل يو إس إس جيمي كارتر يجري تجهيزها للحرب في قاع البحر. ولكن فريق روجوتشي يرى أنه من غير الواقعي أن نتوقع من القوات البحرية أن تدافع عن كل الكابلات البحرية التي يبلغ طولها نحو 1.4 مليون كيلومتر. ويرى الفريق أن الأولوية بالنسبة لواشنطن، إلى جانب حلفائها، ينبغي أن تكون إيجاد حلول هندسية لتعزيز مرونة الشبكة على افتراض وقوع كارثة في نهاية المطاف.

وبشكل أكثر تحديدا، يريدون استثمار 5 مليارات دولار لمضاعفة أسطول سفن الإصلاح الحالي إلى ثلاثة أمثاله، وإنشاء “قيادة غوتشي الوطنية” الجديدة المركزية لعقد الصفقات الدبلوماسية بشكل استباقي لضمان إمكانية إعادة توجيه حركة الإنترنت إذا تم قطع كابلات عبر الأطلسي الرئيسية. كما يريدون من هذه القيادة تشغيل الكابلات التي تشرف عليها شركات خاصة في حالة وقوع أي هجوم حتى يمكن إعطاء الأولوية للبيانات المهمة (مثل رسائل سويفت) على حركة المرور الرقمية الأخرى.

وتؤكد هذه الدراسة أن “استجابة دفاعية فعالة لا يمكن إعدادها وتنفيذها بنجاح على مستوى مصالح الشركات الخاصة المتباينة”، مضيفة أنه إذا كان حلف شمال الأطلسي يريد خلق “تأمين” حقيقي ضد الهجوم، فيتعين عليه أن ينفق 10 مليارات دولار لتثبيت كابلات احتياطية.

إن هذه الخطة معقولة للغاية. ولكن تنفيذها صعب. وتتمثل إحدى المشاكل في أن المجمع الصناعي العسكري يفضل عموماً الضغط من أجل الحصول على غواصات جديدة باهظة الثمن، وليس سفن إصلاح رخيصة. وتتمثل مشكلة أخرى في أن أي تحرك من قِبَل واشنطن للسيطرة على الكابلات من المرجح أن يواجه مقاومة من قِبَل شركات مثل جوجل (التي تستثمر بكثافة في الكابلات).

ويشير روجوتشي إلى أن هناك قضية ثالثة تتلخص في أن 14 من الكابلات العابرة للمحيطات الممتدة عبر المحيطين الهادئ والهندي مملوكة حالياً للولايات المتحدة والصين. وأخيراً وليس آخراً، فإن الطبيعة المغمورة لهذا التهديد تعني أن العالم المالي لم يضغط بجدية من أجل اتخاذ إجراء ــ حتى الآن.

لا شك أن هذا سوف يتغير إذا ما حدثت كارثة (أو عندما تحدث). ولكن حتى ذلك الحين، تظل الكابلات تشكل خطراً خبيثاً ــ وعلامة على نقاط ضعفنا الثقافية. وربما تكون كارثة كراود سترايك وصدمة السكك الحديدية في باريس مجرد مقدمة لما ينتظرنا في المستقبل.

جيليان تيت@ft.com



المصدر


مواضيع ذات صلة