بصفتي زميلاً في الطب، أشعر بقلق عميق إزاء اختطاف عشرين طالباً من طلاب الطب مؤخراً في بينو، وأود أن أضيف صوتنا إلى أصوات الملايين من الآخرين الذين يندبون محنتهم. كان هؤلاء الشباب والفتيات، المليئون بالوعود والتفاني، في طريقهم إلى مؤتمر من شأنه أن يعزز تعليمهم والتزامهم بالرعاية الصحية. وبدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم الآن في وضع مروع بعيداً عن حماية وراحة أسرهم.
إن التأثير المباشر على الطلاب وأسرهم والمجتمع الطبي الأوسع كان عميقًا. لقد انقلبت حياة الآباء والأشقاء والأصدقاء، الذين كانوا قلقين باستمرار، رأسًا على عقب بسبب هذا الفعل القاسي. والآن يواجه الطلاب أنفسهم، الذين شرعوا في رحلتهم وهم يحلمون بإحداث فرق، واقعًا غير مؤكد ومخيفًا.
إن هذه ليست حادثة معزولة بل هي جزء من اتجاه أوسع نطاقاً من انعدام الأمن الذي اجتاح البلاد لسنوات. فقد أصبحت عمليات الاختطاف منتشرة على نطاق واسع، ولم تؤثر على الطلاب فحسب، بل وأيضاً على القرويين وسائقي السيارات، وحتى العاملين في مجال الصحة. وفي حين حاولت الحكومة وأجهزة الأمن في الواقع التغلب على هذه التحديات، فإن تكرار مثل هذه الحوادث يذكرنا بالحاجة إلى استراتيجيات فعّالة وشاملة.
ويجب تشديد إجراءات الأمن بشكل أكبر، وتوفير حماية أكثر صرامة للفئات الضعيفة ــ الطلاب والعاملين في مجال الصحة على وجه الخصوص.
إن مثل هذه الحوادث لها عواقب وخيمة للغاية على نظام الرعاية الصحية في المدى القريب والبعيد. إن الطلاب المختطفين يمثلون مستقبل الرعاية الصحية في نيجيريا، وخسارتهم ستكون ضربة مدمرة لمجالنا الطبي. إن كل واحد من هؤلاء الطلاب يمكنه أن ينقذ العديد من الأرواح في المستقبل، وأن يقدم الأمل والشفاء للمجتمعات المحتاجة.
ولن تكون خسارتهم مأساة شخصية فحسب، بل ستكون انتكاسة للأمة بأكملها. وقد تؤدي المزيد من أعمال انعدام الأمن إلى نفور العقول الشابة من ممارسة المهن الطبية أو حتى البقاء في البلاد. وقد تتفاقم هجرة الأدمغة، التي تضرب القطاع الطبي في نيجيريا بالفعل، مما يزيد من تفاقم هذا النظام الصحي المجهد بالفعل والذي يعاني من نقص الموارد.
كما أن انعدام الأمن له تأثير مخيف على التعليم والحرية الأكاديمية. يجب أن يتمكن الطلاب من متابعة تعليمهم دون خوف، وحضور المؤتمرات والتجمعات التي تثري معارفهم ومهاراتهم. قد يؤثر الخوف من الاختطاف على رغبة الطلاب في حضور مثل هذه الأحداث، مما قد يخنق نموهم وفرصهم.
إن المؤسسات الأكاديمية التي من المفترض أن تكون ملاذا للتعلم والتطوير أصبحت بدلا من ذلك هدفا للمجرمين. وهذا يقوض أسس التعليم ويهدد مستقبل الأمة.
لقد قوبلت استجابة الحكومة للقضايا الأمنية في البلاد بانتقادات شديدة. ورغم الجهود المبذولة لنشر قوات وموارد أمنية إضافية، إلا أن كثيرين ما زالوا يرون أن هذه الجهود تأتي متأخرة للغاية وغير كافية.
إن التعامل مع المسائل الأمنية، وخاصة فيما يتصل بحماية العاملين في مجال التعليم والرعاية الصحية، يتطلب قدراً أعظم من المساءلة والنهج القوي. ولا ينبغي للسلطات أن تتحرك بسرعة نحو إطلاق سراح الطلاب المختطفين فحسب، بل ينبغي لها أيضاً أن تضع استراتيجيات طويلة الأجل لتجنب مثل هذه الحوادث في المستقبل. ومن بين أمور أخرى، سوف يتطلب هذا اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الأسباب الجذرية لانعدام الأمن، بما في ذلك الفقر والبطالة والفساد.
لا يمكن المبالغة في تقدير التأثير النفسي الذي يخلفه الاختطاف على الطلاب وأسرهم. فالصدمة النفسية التي يسببها الاختطاف، والخوف وعدم اليقين، والانفصال عن الأحباء، تفرض عبئاً ثقيلاً على الطلاب. وقد تؤثر هذه التجربة على قدرتهم على مواصلة تعليمهم وحياتهم المهنية.
إن الآثار الطويلة الأمد للصدمة النفسية مدمرة، وتؤثر على الصحة العقلية والأداء الأكاديمي والرفاهة العامة. ومن الضروري توفير الدعم النفسي والاستشارة للأفراد المتضررين بعد إطلاق سراحهم لمساعدتهم على التعامل مع عواقب هذه المحنة.
مع الأخذ في الاعتبار المأساة، يتعين علينا كأمة أن نقف ونطالب قادتنا باتخاذ تدابير وسياسات أفضل للسلامة. إن توفير بيئة آمنة ومأمونة يشكل أهمية قصوى فيما يتصل بأمن جميع المواطنين، مع الإشارة بشكل خاص إلى مجموعات مثل الطلاب والعاملين في مجال الصحة.
انتهى تقريبا…
نحن بحاجة إلى تأكيد عنوان بريدك الإلكتروني.
كما ندعو الحكومة إلى زيادة جهودها في تأمين إطلاق سراح الطلاب المختطفين ومتابعة الاستراتيجيات الشاملة لمعالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن. كما نناشد المجتمع الدولي بدعم مثل هذه الجهود والوقوف تضامناً مع نيجيريا خلال هذه الفترة العصيبة.
إلى عائلات وأصدقاء الطلاب المختطفين، اعلموا أنكم لستم وحدكم. إن المجتمع الطبي والبلد ككل يتقاسمان معكم الألم والأمل في عودة سريعة وآمنة لأحبائكم. وإلى الطلاب: إننا نحملكم في أفكارنا وصلواتنا. إن قوتكم وشجاعتكم تلهمنا جميعًا.
ولنتذكر زميلة أخرى، الدكتورة غانيات بوبولا، التي ظلت في الأسر لعدة أشهر. ولم تؤد محنتها المطولة إلا إلى إبراز مدى الضعف الذي يواجهه العاملون في مجال الرعاية الصحية في نيجيريا. ونتمنى أن يحمل لنا الفجر التحرير، وأن نحتفل قريبا بالعودة الآمنة لهؤلاء المعالجين المستقبليين. وإلى أن يحين ذلك الوقت، نقف صفا واحدا على أمل أن نلتقي.
يمكن التواصل مع الدكتورة حليمة نوح ساندا عبر البريد الإلكتروني (email protected)