رغم الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يتابع الفلسطينيون في قطاع غزة الأخبار التي تتحدث عن احتمال شن إسرائيل هجوماً عسكرياً واسع النطاق على لبنان، بقلق كبير على سلامة السكان.
وفي حديث مع “العربي الجديد”، لم يعتقد العديد من الفلسطينيين أن إسرائيل ستخاطر بتوسيع الحرب إلى لبنان، خاصة في ظل قوة حزب الله مقارنة بحماس سياسيا وعسكريا، فضلا عن مواجهة خطر تعرض إسرائيل لمزيد من العزلة الدولية.
ولكن هناك فلسطينيين آخرين يعتقدون أن “الصمت العربي” العام قد يشجع إسرائيل على توسيع حربها بدعم من الولايات المتحدة.
وفي يوم الأحد، فوضت الحكومة الأمنية الإسرائيلية حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتخاذ القرار بشأن “طريقة وتوقيت” الرد على الهجوم الصاروخي في مرتفعات الجولان المحتلة.
ألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حزب الله اللبناني في الغارة التي وقعت يوم السبت على بلدة مجدل شمس السورية في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. ونفى حزب الله أي دور له في الغارة. ودعت دول ومنظمات دولية مختلفة إلى إجراء تحقيق مستقل في الحادث الذي أسفر عن مقتل 12 طفلاً وإصابة كثيرين آخرين.
وقد أدت الضربة التي وقعت يوم السبت إلى تحويل المواجهة الهشة على الحدود إلى حرب أكبر، مما أثار دعوات دولية من الجانبين لإظهار ضبط النفس.
ولم ترد أي مؤشرات فورية بشأن الإجراء الذي قد تتخذه إسرائيل، لكن صحيفة يديعوت أحرونوت، أكبر صحيفة في البلاد، نقلت عن مسؤولين لم تسمهم قولهم إن الرد سيكون “محدودا لكنه مهم”.
وقال عبد الباسط أبو رحمة، وهو فلسطيني يقيم في غزة، لوكالة أنباء الشرق الأوسط: “أخشى أن يكون هناك اتفاق عربي إسرائيلي على هذه الحرب، وأن ينهوا أي مقاومة عربية ضد إسرائيل حتى ينجح المشروع الأميركي الإسرائيلي في خلق شرق أوسط جديد. ورغم كل المجازر التي نتعرض لها، فإننا لا نتمنى أن تخضع دولة عربية أخرى لما نتعرض له، وأن نرى تدميراً آخر لدولة ساندت القضية الفلسطينية والفلسطينيين على الدوام”.
وأضاف “لكنني لا أعتقد أن إسرائيل ستجازف بشن حرب على لبنان لأنها تعلم أن حزب الله يملك ما يكفي من الصواريخ والأسلحة لتدمير إسرائيل في المقابل إلا إذا دعمتها الدول العربية والأوروبية في قصف لبنان”.
وأعرب نضال صالحة من مدينة غزة عن نفس الرأي، وقال لوكالة أنباء “تاس” إن “لبنان دعمنا طيلة الحرب، ونحن بدورنا سندعم اللبنانيين في حربهم ضد إسرائيل إذا حدثت”، معرباً عن أمله في أن تكون إسرائيل تكتفي بإطلاق التهديدات دون تنفيذها.
وأضاف صالحة “لا أحد يريد الحرب، لكن إسرائيل دولة عنيفة لا تفهم إلا لغة الحرب والقتل والدمار، وللأسف الولايات المتحدة تدعمها، لذلك لا نستطيع الاعتماد عليها لمساعدة لبنان، خاصة في ظل الصمت العربي الكامل”.
من جانبه، يرى الخبير السياسي الفلسطيني أحمد رفيق عواد أن إسرائيل ستشن على الأرجح عملية عسكرية محدودة في جنوب لبنان وفق خطة أعدتها مسبقاً للحد من نفوذ حزب الله.
وقال عواد في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية “تسنيم” إن “العملية العسكرية التي تنفذها إسرائيل في جنوب لبنان ليست إلا تمويهاً لعملية أوسع ستعمل على تنفيذها عاجلاً أم آجلاً، خاصة أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بنيتها”.
واعتبر أن إسرائيل استفادت إلى حد كبير من العملية غير المدروسة، مشيرا إلى أن السؤال يبقى مطروحا حول ما حدث في مجدل شمس، خاصة وأن حزب الله لم يستهدف المدنيين منذ عام 1982 وحقيقة أن البلدة كانت معادية لإسرائيل إلى حد كبير.
وأضاف أنه “في ضوء مصادقة الجيش الإسرائيلي على خطط قتالية على الجبهة الشمالية، فإن سيناريو الحرب الشاملة أصبح، للأسف الشديد، أكثر احتمالا”.