بدأت جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار في غزة في العاصمة القطرية الدوحة، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد القتلى في القطاع الفلسطيني 40 ألف شخص.
ويشارك في المحادثات رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ونظيره المصري ورئيس وزراء قطر. ولن تنضم حماس إلى المناقشات التي تجري خلف الأبواب المغلقة بشكل مباشر، ولكن الوسطاء من مصر وقطر يعتزمون التشاور معها بعد ذلك.
بعد عشرة أشهر من الحرب ومحاولات عديدة متعثرة لإنهاء إراقة الدماء وإطلاق سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلي وأجنبي ما زالوا محتجزين في غزة، اكتسبت المحادثات الأخيرة أهمية إضافية بسبب هجوم انتقامي متوقع من جانب إيران على إسرائيل.
هددت إيران بالرد على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران أواخر الشهر الماضي. وأشار بعض المسؤولين الإيرانيين إلى أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة فقط من شأنه أن يمنع إيران من الرد المباشر.
ولكن التصعيد المحتمل من جانب حزب الله المدعوم من إيران عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية ــ بعد أن قتلت إسرائيل أحد كبار قادة حزب الله قبل ساعات من اغتيال هنية ــ يثقل كاهل الاجتماع أيضا، مع وجود مخاوف عميقة بشأن التهديد باندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا. وهناك ضغوط دولية كبيرة لجعل هذه المحادثات مثمرة.
حذر المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي من أنه من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق يوم الخميس ومن المرجح أن يستمر ذلك يوم الجمعة.
وتدرك صحيفة الإندبندنت أن إحدى أكبر نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل إلى اتفاق هي الانسحاب الإسرائيلي من ممر فيلادلفيا ـ الذي يمتد على طول الحدود بين غزة ومصر ـ وعودة النازحين إلى شمال غزة. وتريد إسرائيل السيطرة على الممر وحركة الناس بين الشمال والجنوب.
وقال كيربي للصحفيين إن المفاوضين ركزوا على تضييق الفجوات وتنفيذ اتفاق الإطار، الذي قال إنه حظي “بقبول عام” من الجانبين.
وأضاف “يمكن التغلب على العقبات المتبقية، ويتعين علينا أن ننهي هذه العملية. واليوم يشكل بداية واعدة”.
وفي الأيام التي سبقت المحادثات، ترددت أنباء تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أضاف شروطاً جديدة إلى الاتفاق الإطاري، وهو الاتهام الذي نفاه مكتب نتنياهو بشدة. وفي المقابل، اتهمت إسرائيل حماس بالسعي إلى إفشال المحادثات من خلال المطالبة بالتغييرات.
وقال مصطفى البرغوثي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية إن نجاح المحادثات يعتمد على “ما إذا كان نتنياهو يريد الصفقة أم لا”، وما إذا كانت الولايات المتحدة “تملك الشجاعة والقدرة والإرادة للضغط على نتنياهو لقبول اتفاق وقف إطلاق النار دون إجراء تغييرات جديدة”.
واتهم البرغوثي رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه لا يفكر إلا في نفسه ومسيرته السياسية، وشرح العواقب المترتبة على الفشل في التوصل إلى اتفاق. وقال: “القضية خطيرة للغاية. ليس فقط لأن عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار يعني المزيد من القتلى والجرحى (ولكن) إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فإن هذا قد يجرنا إلى حرب إقليمية”.
ومع وصول المفاوضين إلى قطر، استمر القتال في غزة، حيث قصفت القوات الإسرائيلية أهدافاً في مدينتي رفح وخان يونس الجنوبيتين. وقال مسؤولون صحيون فلسطينيون يوم الخميس إن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة. وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إن هذا يمثل “حدثاً مأساوياً”. ويقول مسؤولون صحيون فلسطينيون إن العدد الحقيقي للقتلى ربما يكون أعلى من ذلك بآلاف، حيث يُعتقد أن العديد من الجثث لا تزال مدفونة تحت أنقاض المباني التي دمرتها الغارات الجوية.
اندلعت الحرب في غزة بسبب هجوم شنته حماس داخل إسرائيل، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين. وتقول إسرائيل إن 111 من الأسرى لم يتم إطلاق سراحهم، بما في ذلك جثث 39. ومن بين الرهائن 15 امرأة وطفلين دون سن الخامسة.
لقد اضطرت الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى ترك منازلهم، وبعضهم فر عدة مرات عبر القطاع هرباً من الهجمات البرية. وخلال الحرب، نزح الآلاف داخل إسرائيل وجنوب لبنان أيضاً.
