عاد الفلسطينيون إلى مخيم جباليا للاجئين، حيث حولت القوات الإسرائيلية أحياءه إلى رماد (غيتي)
وقد استقبل آلاف الفلسطينيين المهجرين قسراً العائدين إلى شمال غزة هذا الأسبوع أحياء لا يمكن التعرف عليها، حيث أدى القصف الإسرائيلي المستمر منذ 15 شهراً إلى تحويل المنطقة إلى أرض قاحلة غير صالحة للسكن.
وفي أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار، كشفت العودة الجماعية عن الحجم المذهل للدمار في مناطق مثل مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون.
وأظهرت لقطات جوية طرقا مغلقة تصطف على جانبيها بقايا المباني المنهارة والمنازل التي تحولت إلى رماد. هذا هو الواقع الجديد في شمال غزة؛ منطقة غير صالحة للسكن البشري.
كما تعرضت المدارس والعيادات الطبية، بما في ذلك تلك التي تديرها الأونروا، لأضرار جسيمة بسبب القصف الجوي والقصف المدفعي. كريم حمدان، الذي فر إلى مخيم الشاطئ للاجئين في غرب مدينة غزة منذ أكثر من 100 يوم، عاد إلى منزله في بيت لاهيا ليجد الأنقاض.
وقال لصحيفة العربي الجديد: “كنت أتمنى أن أتمكن أخيراً، مع وقف إطلاق النار، من العودة إلى منزل عائلتي”. “ولكن عندما رأيت الدمار، شعرت بالصدمة؛ إذ لم يكن منزلنا سوى حجارة، وكان الحي المحيط به قد اختفى”.
وعلى الرغم من الخسارة الفادحة، تعهد حمدان بإعادة بناء مدينته: “قد يكون منزلنا قد رحل، لكننا سنبقى هنا، على أرضنا. سنعيش على الأنقاض، وسنعيد بناء هذا المكان مهما كانت التكلفة”.
كما عاد محمد خليل، الأستاذ في جامعة الأزهر في غزة، إلى منزله في جباليا ليجده مدمرا. وقال لـ”العربي الجديد” واصفاً المذبحة: “شعرت وكأنني فيضان من الذكريات والألم. لم يكن المنزل سوى حطام، والعديد من منازل عائلتي كانت على حالها”.
“لقد قررنا البقاء في خيام بالقرب من الأنقاض، ليس لأنه ليس لدينا أي خيار آخر، ولكن لأننا نرفض التخلي عن أرضنا. جباليا وشمال غزة بأكمله غير صالحين للسكن، لكننا سنعيد البناء بأيدينا”.
جاء هذا الدمار نتيجة لهجوم عسكري إسرائيلي لا هوادة فيه استهدف على وجه التحديد المناطق الشمالية من غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكانت المناطق الشمالية هي الأكثر تضررا، حيث تم هدم مباني سكنية بأكملها. وقُتل أكثر من 5000 شخص، وأصيب أكثر من 9500 آخرين خلال هذا الهجوم، وفقًا للمكتب الإعلامي لحكومة غزة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، خلصت الأمم المتحدة إلى أن غزة “غير صالحة لبقاء الإنسان على قيد الحياة” ووصفت القطاع بأنه “أرض قاحلة من الأنقاض”.
وأمرت القوات الإسرائيلية السكان بمغادرة البلدات، زاعمة إطلاق الصواريخ دون تقديم أدلة، مما أثار تكهنات بأن إسرائيل تعتزم احتلال المنطقة بعد انتهاء هجومها العسكري على غزة.
خلال الهجوم العسكري، أحرق الجيش الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان، أهم منشأة صحية هناك، في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024. وزعمت إسرائيل أن مديرها المختطف حسام أبو صفية نُقل إلى مركز احتجاز سدي تيمان سيئ السمعة.
وقد أتاح وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، لبعض الفلسطينيين العودة إلى ما تبقى من منازلهم، بينما تواصل المنظمات الإنسانية جلب الإمدادات الحيوية من المساعدات إلى قطاع غزة.
ويهدف الاتفاق، الذي يتضمن وقفاً للأعمال العدائية لمدة 42 يوماً، في المقام الأول إلى السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين اليائسين في غزة.
وسيتم إطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي قد يصبح “وقفاً دائماً لإطلاق النار”.
وفي المرحلة الأولى أيضاً، ستنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان في غزة للسماح بتبادل الأسرى، فضلاً عن عودة النازحين إلى مساكنهم.
ورغم الاتفاق شنت إسرائيل هجوما عسكريا “واسع النطاق وكبيرا” على جنين في اليوم الثالث من الهدنة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن ثمانية فلسطينيين استشهدوا وأصيب 35 آخرون برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية المحتلة.