وبينما يواصل العراق التعامل مع التعقيدات المحيطة ببيئته الأمنية، فإن الإدارة الناجحة لمثل هذه التجمعات الدينية واسعة النطاق تظل اختباراً حاسماً. (جيتي)
أطلقت قوات الأمن العراقية النار في الهواء خلال اشتباك بين وحدات من الجيش العراقي وعناصر من قوات الحشد الشعبي، الخميس، في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة، قبل أيام من تجمع الملايين من الناس لإحياء ذكرى الأربعين.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس إن المواجهات وقعت على بعد نحو خمسة كيلومترات من مدينة كربلاء القديمة في ساعات الصباح الأولى. وحاولت أربع مركبات تابعة للحشد الشعبي عبور حاجز للجيش العراقي في شارع مخصص للمشاة.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها عراقيون على منصة X، المواجهات التي شارك فيها مسلحون من “جند الإمام”، إحدى الفصائل المنضوية تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي، والتي يتزعمها وزير العمل العراقي أحمد الأسدي.
وأسفرت الحادثة عن مقتل الشاب علي عباس من محافظة الأنبار غربي العراق.
اتصلت “العربي الجديد” باللواء تحسين الخفاجي، رئيس خلية الإعلام الأمني العراقي والمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي، وكذلك المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، للتعليق، لكن لم يرد أحد حتى وقت نشر هذا التقرير.
كربلاء تستعد للأربعين
وتزيد هذه الحادثة من حدة التوترات في الوقت الذي تستعد فيه كربلاء لرحلة الأربعين، أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، والتي تمثل نهاية فترة الحداد التي استمرت 40 يوما على الإمام الحسين، الشخصية الرئيسية في الإسلام الشيعي وحفيد النبي محمد.
ويستقطب الحدث السنوي ملايين الحجاج من مختلف أنحاء العالم؛ ففي العام الماضي، حضر 22 مليون حاج، بما في ذلك العديد من إيران المجاورة. ومنذ السادس من أغسطس/آب، دخل نحو 2.9 مليون حاج العراق، ومن المقرر أن تبلغ الاحتفالات ذروتها يوم الأحد.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، الثلاثاء، خلال مؤتمر مشترك مع وزير الدفاع ثابت العباسي في كربلاء، أن عدد الوافدين إلى العراق بلغ 2.75 مليون.
وردا على الاشتباك، اعتقلت وحدة أمنية داخل تنظيم الحشد الشعبي ستة من عناصره. وأكد مسؤول في الحشد الشعبي، رفض الكشف عن اسمه، الاعتقالات وقال إن التحقيق جار لتحديد من أطلق النار أثناء الحج.
تشكلت قوات الحشد الشعبي، وهي تحالف من الجماعات شبه العسكرية الشيعية الموالية لإيران في الأساس، في عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن كافح الجيش النظامي لوقف تقدمه. وعلى الرغم من دمجها في قوات الأمن العراقية، تظل وحدات قوات الحشد الشعبي قوية سياسيا وعسكريا، ولا تعد حوادث التوتر بينها وبين المؤسسات الأمنية الأخرى غير شائعة.
أصدر رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني توجيهات بتعزيز الجاهزية الأمنية مع وصول موسم الحج إلى ذروته، مشدداً على أهمية الرد السريع على أي خروقات أمنية.
وخلال زيارته لقيادة العمليات المشتركة، ترأس السوداني اجتماعا أمنيا مع كبار المسؤولين ونسق مع محافظي المحافظات الرئيسية، وأشاد بالجهود المبذولة لإدارة تدفق الحجاج، وأكد تشكيل لجنة رفيعة المستوى لإدارة الحج الجماعي.
ووجه السوداني قوات الأمن بتجاوز الإجراءات الروتينية والسيطرة على مسارات الحج وضمان سلاسة تنقل الحجاج، مؤكدا ضرورة مواصلة الجهود حتى انتهاء موسم الحج واتخاذ إجراءات صارمة ضد أي مخالفات.
مع بقاء كربلاء تحت تدابير أمنية مشددة، تنتشر قوات الأمن العراقية على نطاق واسع في جميع أنحاء المدينة، وتجري عمليات تفتيش وتراقب طرق الحجاج لضمان سلامتهم وحمايتهم من التهديدات المحتملة.
وبينما يواصل العراق التعامل مع تعقيدات بيئته الأمنية، فإن الإدارة الناجحة لمثل هذه التجمعات الدينية واسعة النطاق تظل اختباراً حاسماً لاستقرار البلاد وحوكمتها.