مع استمرار الحرب الوحشية في قطاع غزة، هاجم الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي معظم المرافق التعليمية، مما أسفر عن مقتل الآلاف من الطلاب والمعلمين والمحاضرين بدم بارد.
ومن خلال استهداف هذه المرافق، فمن الواضح أن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إنهاء وجود أي مكان للتعليم وطمس أي آفاق للشباب الفلسطيني، حتى بعد الحرب.
كما عمل جيش الاحتلال على تحويل العديد من الجامعات في قطاع غزة إلى ثكنات عسكرية وأماكن للتحقيق، ثم يقوم بتدميرها بعد الانتهاء من تنفيذها، بحسب مسؤولين فلسطينيين في وزارة التعليم.
قبل الحرب، قالت الوزارة إن عدد المدارس في قطاع غزة بلغ نحو 796 مدرسة، منها 442 مدرسة حكومية، و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و70 مدرسة خاصة.
ويوجد في غزة أيضاً نحو 17 مؤسسة للتعليم العالي، بما في ذلك جامعة التعليم المفتوح، حيث التحق بهذه المؤسسات ما يقرب من 87 ألف طالب وطالبة في القطاع.
نستعرض هنا أهم الجامعات التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر:
جامعة الأزهر
تعد جامعة الأزهر بغزة من أبرز الجامعات الفلسطينية التي تقدم خدماتها التعليمية لـ 15 ألف طالب وطالبة، ويعمل بها 600 موظف وموظفة أكاديميين وإداريين.
وتضم الجامعة 12 كلية متخصصة تتضمن 120 برنامجاً، منها 80 تمنح درجة البكالوريوس، و36 تمنح درجة الماجستير.
وأكد مجلس إدارة الجامعة أن مباني الجامعة، التي تعد من أهم مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في قطاع غزة وفلسطين، تعرضت لأضرار جسيمة، تسببت في خسائر فادحة.
لكن المجلس عازم على إعادة تأهيل مباني الجامعة وقاعاتها ومختبراتها بعد انتهاء الحرب.
الجامعة الاسلامية
تعرضت الجامعة الإسلامية بغزة، إحدى أهم الجامعات الفلسطينية، لأضرار كبيرة وخسائر مادية فادحة بعد استهدافها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت إدارة الجامعة لـ«العربي الجديد» إن مبنى كلية تكنولوجيا المعلومات، ومبنى عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر، ومبنى كلية العلوم في الجامعة، تضررت بشكل كبير، بما في ذلك كافة أجهزتها ومختبراتها وأثاثها، فضلاً عن تحطيم معظم زجاج وواجهات مباني الجامعة.
وقد استهدفت إسرائيل هذه الجامعة على وجه الخصوص منذ تأسيسها في أواخر السبعينيات، ثم أصبحت فيما بعد هدفاً للجيش الإسرائيلي بسبب وجود قيادات من حماس، مثل الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل أبو شنب، في مجلس إدارتها.
كما تخرج من الجامعة قيادات حماس مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد ضيف، وهو ما يفسر الاتهامات الإسرائيلية المتكررة للجامعة واستهدافها في كل فرصة.
جامعة فلسطين
دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي، كافة مباني جامعة فلسطين في مدينة الزهراء جنوب قطاع غزة، خلال حربه المتواصلة على قطاع غزة.
واعتبرت إدارة الجامعة تدمير مقرها في مدينة الزهراء، وقبل ذلك تدمير فرع خانيونس بشكل كامل، جريمة وانتهاكا وخرقا واضحا للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تحمي المؤسسات التعليمية والأكاديمية.
وأكدوا أيضًا أن الحرم الجامعي والمقر الرئيسي عبارة عن مرافق تعليمية مدنية.
جامعة الإسراء
هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي، جامعة الإسراء في مدينة الزهراء جنوب غزة، وقصف المبنى الرئيسي للكليات العليا.
كما قامت بتفجير المتحف القومي داخل الجامعة والذي حصل على ترخيص من وزارة السياحة والآثار ويعد الأول في البلاد.
ويضم المتحف أكثر من 3000 قطعة أثرية نادرة تعود إلى العصور التاريخية الإسلامية والرومانية والإسلامية والفلسطينية.
كما فجر الجيش مباني المستشفى الجامعي الأول والوحيد في قطاع غزة والثاني في فلسطين، ومبنى المختبرات الطبية والهندسية، ومختبرات التمريض، واستوديو التدريب الإعلامي، ومحاكم التدريب في كلية الحقوق، وقاعات التخرج.
كما تم استهداف مقر دبلوم الدراسات المتوسطة التابع للجامعة في شمال قطاع غزة، ومركز التعليم المستمر والتدريب المهني الواقع في منطقة الرمال غرب مدينة غزة، والذي تم تحويله مؤخراً إلى مركز إيواء للنازحين.
جامعة القدس المفتوحة – فرع غزة
جامعة القدس المفتوحة هي إحدى جامعات التعليم المفتوح ولها فروع في القدس وقطاع غزة والضفة الغربية.
هناك خمسة فروع للجامعة المفتوحة في القطاع، ويعتبر فرع غزة في الرمال أول فرع تنشئه الجامعة هناك.
“استهداف ممنهج ومتعمد” للمرافق التعليمية
وقال رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، إن استهداف الجيش الإسرائيلي للمؤسسات التعليمية هو أمر ممنهج ومتعمد.
وأضاف رامي لـ«العربي الجديد» أن «الاستهداف شمل كافة المؤسسات التعليمية في قطاع غزة، حيث أدى إلى تدمير العديد منها».
وأضاف أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستتسبب في توقف مؤقت لعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة، حيث سيضطر بعضهم إلى تغيير تخصصاتهم الجامعية، والبعض الآخر سيقرر عدم استكمال دراستهم لأن المدة اللازمة لاستئناف الحياة الدراسية ستكون طويلة.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال حوّل المدارس إلى ثكنات عسكرية للدبابات أو استخدمها كمقرات مؤقتة للجيش ومراكز للتحقيق والاعتداء على المواطنين.
وأشار إلى أن الجيش دمر المدارس إما بزراعة المتفجرات أو تدميرها بالكامل، حيث نشرت قوات الاحتلال مقاطع فيديو لعمليات التدمير، كما حدث عندما دمر مدرسة يوم 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالقرب من المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال غزة.
ويثير الدمار الشديد الذي تعرضت له العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية تساؤلات حول مستقبل الطلاب والتعليم في غزة بعد انتهاء الحرب.
وقال رئيس كلية الإعلام واللغات في جامعة غزة وسام عامر إن الحرب أدت إلى ضياع جيل كامل من تعليمه سواء في المرحلة الابتدائية أو التعليم العالي.
وأضاف أن إعادة بناء منظومة التعليم في غزة ليست مستحيلة، لكنها ستستغرق وقتا طويلا وقد تستغرق سنوات، مشيرا إلى أن “التعليم يحتاج إلى الأمن وهذا الأمن مفقود في قطاع غزة”.
وأكد أنه “لا يوجد مكان آمن في القطاع.. لذلك فإن البحث عن التعليم في هذه المرحلة صعب للغاية لأن الأولوية ليست الأكاديمية أو التعليم بل البحث عن الأمن.. البحث عن السكن.. البحث عن الماء”.
وأوضح أن “التدمير المتعمد والواسع النطاق للممتلكات الثقافية والتاريخية، مثل الجامعات والمدارس والمكتبات والمحفوظات، من قبل إسرائيل من خلال هجومها العسكري، هو جزء من سياستها العلنية في جعل قطاع غزة مكانًا غير صالح للسكن”.
سالي إبراهيم مراسلة صحيفة العربي الجديد من غزة