رجل فلسطيني يتفقد منزله المتضرر في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في وقت سابق في بلدة حوارة جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة في 4 ديسمبر 2024. (غيتي)
لم يصدم إعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش الأخير عن مصادرة عشرات آلاف الدونمات من أراضي الضفة الغربية المحتلة، سكانها الفلسطينيين، إذ أن هذا ما يحدث على الأرض كل يوم تحت ذرائع مختلفة.
ونقلت القناة 14 الإسرائيلية عن الوزير المتطرف قوله إنه تمت مصادرة 24 ألف دونم من الضفة الغربية المحتلة خلال عام واحد، مؤكدا أن 50 ألف دونم تمت مصادرتها خلال الثلاثين عاما الماضية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو.
ويعتبر الفلسطينيون هذا الإعلان “غير البريء” بمثابة مقدمة لاستكمال خطة ضم أراضي الضفة الغربية، والتي تسعى إسرائيل إلى تنفيذها علنًا العام المقبل بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب منصبه رسميًا.
ميدانياً، يواجه الفلسطينيون قرارات إسرائيلية متسرعة بمصادرة أراضيهم بذرائع أمنية أو دينية، أو حتى، في حالة واحدة، لصالح مواشي المستوطنين غير الشرعيين.
“حياتنا بائسة”
وتعكس بلدة أبو ديس الواقعة على الخط الفاصل بين الضفة الغربية المحتلة وشرق مدينة القدس، مدى سعي الاحتلال الإسرائيلي إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان.
وقبل بضعة أشهر سلم جيش الاحتلال الإسرائيلي قرارا بمصادرة 2400 دونم من أراضيه لصالح توسيع المستوطنات التي أقيمت على أراضيه في الثمانينات.
وقال عبد الله أبو هلال، أحد سكان البلدة والناشط ضد الاستيطان الإسرائيلي، لـ”العربي الجديد”، إن الأراضي المتبقية في أبو ديس تبلغ 4500 دونم فقط من أصل 25 ألف دونم. وتتم مصادرة أكثر من 20 ألف دونم تدريجياً منذ الثمانينيات بذرائع عسكرية، ويتم تجديد أوامر المصادرة كل عام.
وأضاف “هذا العام أضيفت إليها مساحة 2500 دونم وتم الاستيلاء عليها. والهدف هو توسيع مستوطنة معاليه أدوميم وربطها بمستوطنتي كيدار 1 وكيدار 2”.
وأضاف أن “هذه الخطة هي جزء مما يسمى بمشروع القدس الكبرى E1، وسيتم استخدام جزء من الأراضي لإنشاء شارع استيطاني يسمى نسيج الحياة”.
لقد أدى توسع المستوطنات إلى تمزيق حياة 14000 فلسطيني، وحشرهم في مساحات أصغر فأصغر داخل المدينة. كما تم قطع ومصادرة مئات الدونمات من المساحة المتبقية لهم لإقامة جدار الفصل العنصري وفصل البلدة عن مدينتها الأم القدس بشكل دائم.
واختتم أبو هلال: “مع الحديث عن خطط الضم وإعلان سموتريتش، لم نعد نأمل في عودة أراضينا إلينا، فقد ضاعت جميعها أمام التوسع الاستيطاني، وأصبحت حياتنا بائسة وصعبة”.
ويعيش تجمعان بدويان في المنطقة الخاضعة للضم، الأمر الذي يهدد حياة المزيد من الفلسطينيين وتشريدهم لصالح تقديم الخدمات الفاخرة للمستوطنين.
“المستوطنون هم المسؤولون”
وبحسب معلومات لجنة مقاومة الجدار العنصري والاستيطان، فقد شهد هذا العام أكبر عملية مصادرة للأراضي تحت مسمى “أراضي الدولة”.
وبلغت إجمالي الأراضي المصادرة 24,144 دونما، منها 12,715 دونما من أراضي جنوب نابلس، و2,640 من أراضي أبو ديس والعيزرية شرق القدس، و441 من غرب رام الله، و172 من أراضي بيت لحم.
وأخبرنا جمال جمعة المختص بقضايا الجدار والاستيطان، أن إغلاق الأراضي الزراعية في مختلف القرى، ومصادرة الأراضي في المناطق الحيوية، والبنية التحتية التي خصصت لها مليارات الشواقل، كلها من أجل تسريع عملية الضم .
وأوضح لـ TNA أن “ما يحدث هو واقع لا يمكن الجدال فيه. وكما اعترف ترامب لإسرائيل بسيطرتها على الجولان والقدس في ولايته الأولى، فإنه الآن سيستهدف الضفة الغربية في ولايته الثانية”.
وبحسب جمعة، فإن ما يحدث على الأرض له تداعيات كبيرة على الشكل السياسي لإدارة الضفة الغربية.
واللافت في الأمر أن خطة الضم لم تعد تستهدف المناطق المصنفة (ج)، بل تصادر الأراضي من المنطقة (ب)، وهو ما يفسر هدم الجيش الإسرائيلي الأخير لمنازل الفلسطينيين في تلك الأراضي ومنع البناء عليها بحجة قربها من المستوطنات. أو الجدار غير القانوني، أو ببساطة لأن الجيش أراد إقامة نقطة عسكرية بالقرب منه.
“أصبح المستوطنون هم من يتولى زمام الأمور في الضفة الغربية، وهذا في حد ذاته ضم، إذ ما نراه من مستوطنين يعتدون على الأراضي ويسرقونها ويطردون أصحابها هم موظفون يتقاضون رواتب من الحكومة الإسرائيلية”. وشدد جمعة.