مستقبل محمد صلاح في ليفربول: جدل متصاعد حول دوره

أثارت التصريحات الأخيرة للنجم المصري محمد صلاح، والتي جاءت في نهاية الأسبوع الماضي، موجة من الجدل والتكهنات حول مستقبله مع نادي ليفربول. هذه التصريحات، التي لم تكن واضحة تمامًا بشأن بقائه أو رحيله، وضعت اللاعب تحت المجهر، خاصة مع تولي المدرب الجديد آرني سلوت زمام الأمور في الأنفيلد. يجد صلاح نفسه في مفترق طرق، حيث تتداخل مسيرته الأسطورية مع النادي مع التحديات التكتيكية الجديدة والأسئلة حول مدى ملاءمته للرؤية المستقبلية للفريق.

في هذا السياق، قام روب دورسيت، المحلل الرياضي في شبكة سكاي سبورتس، بتحليل دقيق لإحصائيات مهاجم ليفربول، محاولًا فك شفرة الأداء الحالي لصلاح وتأثيره على الفريق. هذا التحليل يأتي في وقت حرج، حيث يبحث المشجعون والنقاد على حد سواء عن إجابات حول ما إذا كان "الملك المصري" لا يزال قادرًا على تقديم نفس المستوى الذي اعتادوا عليه، وما إذا كانت مساهماته تتناسب مع المتطلبات الحديثة لكرة القدم، خاصة على الصعيد الدفاعي.

صلاح الهداف التاريخي: إرث لا يُمحى

لا يمكن لأحد أن ينكر الأثر الهائل الذي تركه محمد صلاح في تاريخ ليفربول منذ انضمامه في عام 2017. لقد حطم صلاح الأرقام القياسية تلو الأخرى، وأصبح الهداف التاريخي للنادي في الدوري الإنجليزي الممتاز، وقاد الفريق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا. كانت سرعته، قدرته على المراوغة، وإنهاؤه المميز للفرص عوامل حاسمة في نجاحات الريدز على مدار السنوات الماضية. لقد كان صلاح دائمًا هو الشرارة الهجومية، اللاعب الذي يمكنه تغيير مجرى المباراة بلمسة واحدة أو تسديدة قوية. إرثه كأحد أعظم اللاعبين في تاريخ النادي أمر لا جدال فيه.

ومع ذلك، فإن كرة القدم تتطور باستمرار، وتتغير المتطلبات التكتيكية للمراكز المختلفة. في حين أن صلاح كان دائمًا لاعبًا يركز بشكل أساسي على الجانب الهجومي، فإن الفرق الحديثة، وخاصة تلك التي تعتمد على الضغط العالي والاستحواذ، تتطلب من جميع اللاعبين، بمن فيهم المهاجمون، المساهمة بشكل فعال في الجوانب الدفاعية. هذا التحول في المتطلبات هو ما يضع صلاح تحت المجهر حاليًا.

الجانب الدفاعي: هل أصبح عبئاً؟

لطالما كان الجانب الدفاعي لمحمد صلاح نقطة نقاش بين المحللين. في أوج عطائه، كانت مساهماته الهجومية تفوق بكثير أي قصور محتمل في واجباته الدفاعية. ومع تقدمه في العمر، وتزايد الاعتماد على الجناحين في الضغط على الخصم واستعادة الكرة، بدأت تظهر تساؤلات حول مدى قدرة صلاح على تلبية هذه المتطلبات البدنية والتكتيكية. هل أصبح صلاح عبئًا دفاعيًا على الفريق؟ هذا هو السؤال الذي يحاول الكثيرون الإجابة عليه.

في نظام الضغط العالي الذي يفضله العديد من المدربين المعاصرين، بما في ذلك آرني سلوت، يُتوقع من الجناحين أن يكونا أول خط دفاع. يجب عليهم الضغط على الظهير الخصم، إغلاق ممرات التمرير، والعودة لمساعدة الظهير الأيسر أو الأيمن. في بعض الأحيان، بدا أن صلاح يفتقر إلى نفس الشدة أو الاستمرارية في هذه الواجبات مقارنة بزملائه الأصغر سنًا أو اللاعبين الذين يتمتعون بلياقة بدنية أعلى. هذا لا يعني أنه لا يبذل جهدًا، ولكن قد تكون أولوياته مختلفة، أو أن قدرته البدنية لم تعد تسمح له بالقيام بالدورين الهجومي والدفاعي بنفس الكفاءة العالية طوال 90 دقيقة.

رؤية آرني سلوت التكتيكية

وصول آرني سلوت إلى ليفربول يمثل بداية حقبة جديدة، ومن المتوقع أن يجلب المدرب الهولندي أفكاره التكتيكية الخاصة. سلوت معروف بأسلوبه الذي يركز على الاستحواذ، الضغط العالي، واللعب الجماعي المنظم. في مثل هذا النظام، يكون الانسجام التكتيكي والمساهمة من جميع اللاعبين في كلتا المرحلتين الهجومية والدفاعية أمرًا بالغ الأهمية. قد يرى سلوت أن هناك حاجة لإعادة تقييم أدوار بعض اللاعبين لضمان تحقيق أقصى قدر من الفعالية للفريق ككل.

قد يكون قرار سلوت بإبقاء صلاح على مقاعد البدلاء في بعض المباريات، إذا حدث ذلك، ليس بالضرورة انعكاسًا لعدم ثقته في قدرات صلاح الهجومية، بل قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق توازن أفضل في الفريق، أو لإعطاء الفرصة للاعبين آخرين يتناسبون بشكل أفضل مع متطلبات تكتيكية معينة في مباريات محددة. يمكن أن يكون الأمر أيضًا رسالة للاعبين بأن لا أحد فوق الفريق، وأن الجميع يجب أن يعمل وفقًا للمنظومة الجديدة. التحدي الأكبر لسلوت سيكون في كيفية دمج لاعب بحجم صلاح في رؤيته التكتيكية دون المساس بفعالية الفريق.

مستقبل صلاح في الأنفيلد

مع اقتراب عقده من نهايته في صيف 2025، يظل مستقبل محمد صلاح مع ليفربول غامضًا. هناك تكهنات مستمرة حول اهتمام أندية من الدوري السعودي بخدماته، وهو ما قد يمثل خيارًا مغريًا للاعب في هذه المرحلة من مسيرته. ومع ذلك، فإن صلاح نفسه لم يعلن صراحة عن رغبته في الرحيل، وقد يكون حريصًا على إثبات نفسه تحت قيادة المدرب الجديد.

بالنسبة لليفربول، فإن قرار بيع صلاح أو تجديد عقده سيكون له تداعيات مالية وتكتيكية كبيرة. فمن ناحية، يمكن أن يوفر بيعه أموالًا كبيرة لإعادة بناء الفريق. ومن ناحية أخرى، فإن خسارة لاعب بحجم صلاح، حتى لو كان أداؤه يتراجع قليلاً، ستترك فجوة كبيرة في التشكيلة. سيتعين على آرني سلوت وإدارة النادي اتخاذ قرار حاسم بشأن ما إذا كان صلاح لا يزال جزءًا أساسيًا من خططهم المستقبلية، وكيف يمكنهم الاستفادة القصوى من قدراته الفريدة مع ضمان التوازن المطلوب للفريق.

الخلاصة

إن وضع محمد صلاح في ليفربول معقد ومتعدد الأوجه. إنه أسطورة حية للنادي، لكن كرة القدم لا تتوقف عن التطور. التحدي الآن يكمن في إيجاد التوازن بين احترام إرثه والاستفادة من قدراته، وبين تلبية المتطلبات التكتيكية الحديثة للمدرب آرني سلوت. سواء استمر صلاح في الأنفيلد أو رحل، فإن هذه الفترة ستكون حاسمة في تحديد الفصل الأخير من مسيرته مع الريدز، وستشكل علامة فارقة في تاريخ النادي.