وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة في بيان صحفي إن “طائرات الاحتلال قتلت نحو ألف فلسطيني، بينهم 350 امرأة و150 طفلا، خلال الحرب الإبادة الجماعية الحالية”. (غيتي)
على مدى أكثر من عشرة أشهر، أطلقت إسرائيل مجموعة متنوعة من الأسلحة في حربها الإبادة الجماعية على الفلسطينيين في الجيب الساحلي المحاصر، مما أسفر عن مقتل وجرح الآلاف. ومن بين الأسلحة الأكثر فتكًا في ترسانة إسرائيل الطائرات الرباعية المروحيات.
طائرة بدون طيار مزودة بأربع مراوح، تلاحق أهدافها في مساحات مختلفة، بما في ذلك الأزقة الضيقة في الشوارع، والخيام، وداخل المنازل. يبلغ طول الطائرة 1.6 متر، ويتم التحكم بها إلكترونيًا عن بعد، ويمكنها الإقلاع والتحرك بسهولة عموديًا وأفقيًا للخدمة العسكرية أو المدنية. يبلغ وزنها حوالي عشرة كيلوغرامات فقط.
وعادة ما يستخدم الجيش الإسرائيلي طائرات رباعية المراوح لأغراض استخباراتية لتسهيل مهمته على الأرض، ومع ذلك، قام الجيش الإسرائيلي بتجهيز هذه الطائرات بدون طيار بعبوات ناسفة، مما حولها إلى هجمات انتحارية قاتلة.
حتى الآن، قتلت عشرات الطائرات المروحية الرباعية المروحيات مئات المدنيين الفلسطينيين بإطلاق الصواريخ الموجهة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة في بيان صحفي صدر مؤخرا إن “طائرات الاحتلال قتلت نحو ألف فلسطيني، بينهم 350 امرأة و150 طفلا، خلال الحرب الإبادة الجماعية الحالية”.
تزايد الاعتماد على الطائرات بدون طيار
منذ بدء حربه الإبادة الجماعية على قطاع غزة، صعد الجيش الإسرائيلي من عمليات القتل المتعمد والإعدام خارج نطاق القانون بحق المدنيين الفلسطينيين، وكانت الطائرات الرباعية المراوح أداة رئيسية في هذا الصدد.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاجاري، استخدام أجهزة جوية صغيرة لتنفيذ مهام خطيرة، مشيرا إلى أن الطائرات الرباعية المروحيات كانت سلاحا فعالا.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في غزة إياد القرا لوكالة الأنباء الرسمية “تينا” إن “الطائرات الرباعية المروحية المستخدمة أصبحت بديلا عن الجنود وتقوم بمهامها خاصة فيما يتعلق بمهاجمة الأماكن للقتل في أي لحظة”.
وأضاف أن “جيش الاحتلال يستخدم الطائرات الرباعية المروحية كأداة قاتلة، لأنها قادرة على التنقل بين الأماكن بسهولة بسبب صغر حجمها، ما يسمح لها بالوصول إلى أهداف ضيقة، كما اعتمد عليها في إخلاء مناطق وأحيانا تنفيذ حظر التجول”.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان صحفي، إنه وثق تزايد عمليات القتل التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر إطلاق النار المباشر وإسقاط القنابل المتفجرة من طائرات رباعية الدفع، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الطائرات الرباعية المروحية إلكترونيا عن بعد لأغراض متعددة، بدءا من المراقبة والتجسس، إضافة إلى إصدار أوامر التهجير، وإرهاب المدنيين بإصدار أصوات مزعجة، والأخطر من ذلك استخدامها كأداة لقتل وإيذاء الفلسطينيين”.
علاوة على ذلك، شهد عاملون آخرون في مجال الصحة في غزة أيضًا كيف يتم إطلاق هذه الطائرات بدون طيار من قبل إسرائيل بطرق مروعة.
وقال نبيل رنا، جراح الأوعية الدموية في ولاية كارولينا الشمالية والذي تطوع في مستشفى الأقصى في غزة لمدة ثلاثة أسابيع في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، في مؤتمر صحفي عقد على هامش المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو في العشرين من أغسطس/آب: “لقد رأينا طائرات رباعية المراوح تستهدف الأطفال. ورأينا شباباً يُستهدفون بطلقات البنادق في أفخاذهم لمحاولة المطالبة ببتر أرجلهم”.
وأضاف “كانت هناك طائرات رباعية المراوح تستهدف الرجال في مناطق العانة والأعضاء التناسلية. وكانوا يأتون دون أي إصابات أخرى وكانوا يفقدون خصيتيهم. إنهم شباب أصحاء، لكنهم لن ينجبوا أطفالاً أبداً”.
الارهاب التكنولوجي
ووصف عدد من الفلسطينيين في غزة لصحيفة “العربي الجديد” كيف تنشط الطائرات الرباعية المروحية الإسرائيلية في الليل. ويقولون إنه بمجرد حلول الظلام، يمكن سماع أصوات مسجلة لنساء وأطفال يستغيثون. وبمجرد أن يخرج الشباب وغيرهم من سكان الحي لمساعدة المنكوبين، تبدأ هذه الطائرات الرباعية المروحية الإسرائيلية في إطلاق النار عليهم.
وكان كمال أبو رحمة، وهو فلسطيني من مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة الذي مزقته الحرب، من بين العشرات من ضحايا هذه الطائرات الرباعية المراوح.
وقال لوكالة الأنباء التونسية (TNA) إنه سمع صوت طفل يبكي متألماً ويطلب المساعدة أثناء الليل، ما اضطره إلى الخروج من منزله لمحاولة العثور على الطفل وإنقاذه، إلا أنه لم يجد شيئاً.
وأضاف “جاء بعض جيراني أيضا ولم يجدوا شيئا، فتساءلنا عن مصدر الصوت، وفجأة شعرنا بجهاز يحمل أضواء حمراء وخضراء يقترب منا، ثم سمعنا أصوات مراوح طائرة بدون طيار، ثم بدأت في إطلاق النار علينا بشكل عشوائي”.
وأسفرت الغارة عن مقتل ثلاثة من جيران أبو رحمة وإصابة ساقه اليمنى التي اضطر الأطباء إلى بترها. وقال أبو رحمة “نحن مجرد مدنيين في منازلنا، وقد استدعتنا (الطائرة بدون طيار) لتقتلنا فقط لأننا فلسطينيون”.
أحمد بشير، وهو مواطن فلسطيني مقيم في خان يونس، واجه وضعاً مماثلاً قبل ثلاثة أشهر.
وقال الأب لأربعة أطفال (39 عاماً) لوكالة الأنباء الرسمية (ت.ن.أ): “طلب منا جيش الاحتلال إخلاء أبراج حمد في المدينة لبدء عملية عسكرية في منطقتنا، وطلبت من زوجتي المغادرة فوراً، وبقيت في المنزل محاولاً حمل بعض المواد الأساسية لنا”.
وأضاف “فجأة رأيت طائرة رباعية المراوح تدخل منزلي من خلال النافذة وبدأت بتصويرها من الداخل، في البداية وقفت دون القيام بأي شيء، ولكن بعد ذلك حاولت الهروب منها، وقبل أن تغادر أطلقت علي الرصاص والقنابل، ما أدى إلى إصابة رجلي، الأمر الذي منعني من الحركة”.
وظل بشير ينزف لأكثر من ثلاث ساعات قبل أن تتمكن طواقم الإنقاذ من الوصول إليه وإنقاذ حياته، وأكد بشير أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي بإمكانياته التكنولوجية يعرف جيداً أنني مدني ولا علاقة لي بأي نشاط عسكري، لكنهم يقتلون الفلسطينيين دون استثناء”.