ابق على اطلاع بالتحديثات المجانية
كل ما عليك فعله هو الاشتراك في نشرة الطاقة المتجددة myFT Digest — والتي يتم إرسالها مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بك.
الكاتب هو مؤلف كتاب “Exponential”
في غضون جيل واحد، انخفضت تكلفة الألواح الشمسية بنسبة مذهلة بلغت 99%. وانهيار الأسعار أمر مذهل. كما يثبت أن أسواق الطاقة مدفوعة بالتكنولوجيا.
على مدى قرون من الزمان، كان همهمة التوربينات، التي كانت تعمل في البداية بالفحم، ثم بالنفط والغاز، بمثابة نبض التقدم الصناعي. ولكن انتشارها لم يكن قصة الأسواق الحرة بقدر ما كان قصة القوة والتلاعب. ففي وقت مبكر يعود إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، تواطأ جون د. روكفلر من شركة ستاندرد أويل ووحد صفوفه للتلاعب بالإمدادات وأسعار النفط. وبعد قرن من الزمان، دفع حظر النفط الذي فرضته منظمة أوبك الولايات المتحدة إلى الركود. وما زلنا نشعر بتوابعه اليوم. وقد عمل اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي على تعزيز هذه النقطة: إن نزوات المستبدين يمكن أن تخنق شريان الحياة للاقتصادات الحديثة.
أما الآن، فقد أصبح من الممكن ترك براميل النفط وأكياس الفحم في ساحة التحميل، واستبدالها بألواح شمسية وطواحين هواء وبطاريات.
ومع توسع الأسواق، تنخفض الأسعار. ولا ينطبق هذا على الألواح الكهروضوئية الشمسية فحسب. ففي الفترة من عام 1990 إلى عام 2023، انخفض سعر توربينات الرياح بنسبة 61% والبطاريات بنسبة 97%. وفي ألمانيا، أصبحت الألواح الشمسية الآن أرخص من الأسوار الخشبية. ويمكن لأصحاب المنازل حماية خصوصيتهم أثناء تشغيل أجهزة المطبخ الخاصة بهم.
وعلى النقيض من ذلك، ارتفعت تكاليف النفط الخام والفحم والغاز الطبيعي من حيث القيمة الحقيقية على مدى القرن الماضي. كما تعرض المستهلكون لتقلبات السياسة البتروكيماوية المضطربة. وخفض الأسعار من خلال تحسين الآلات التي تحول هذه الموارد إلى طاقة ــ محطات الطاقة والمحركات ــ أمر صعب ومكلف.
وبالتالي فإن إنتاج الطاقة الجديدة سوف يتبع مسار قطاعات التكنولوجيا الأخرى، حيث يحفز الابتكار الشركات الجديدة. ويمكن لمحطات الطاقة الافتراضية بالفعل ربط الألواح الشمسية من الشركات الصغيرة والكبيرة، والبطاريات المنزلية، وأحيانا حتى شريحة من بطارية السيارة الكهربائية. وتقدر وزارة الطاقة الأميركية أن ما يصل إلى 8% من الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة يتم تلبيته بالفعل من خلال مثل هذه المساعي التعاونية.
إن أنصار الطاقة يحتاجون إلى عقلية مختلفة جذرياً للتعامل مع عالم مختلف تماماً. ومع زيادة كفاءة نظام الطاقة التكنولوجي، سوف تصبح الكهرباء العملة المشتركة. وسوف يهتم المحللون أقل بالدولارات لكل برميل من النفط وأكثر بالسنتات لكل كيلووات ساعة يتم توليدها.
وسوف يشهد سماسرة الطاقة التقليديون ــ أولئك الذين يتمتعون باحتياطيات من الوقود الأحفوري ــ تراجع نفوذهم العالمي. وسوف يعاد توزيع الاختلالات. وسوف يتم توزيع الموارد المتجددة على نحو أكثر عدالة وسخاء. ووفقا لمعهد روكي ماونتن، فإن كل دولة في العالم، باستثناء اليابان وعدد قليل من الدول في شرق ووسط أوروبا، لديها موارد متجددة قادرة على تلبية احتياجاتها الحالية من الطاقة بما يزيد عشرة أضعاف. والجنوب العالمي هو أغنى منطقة على الإطلاق.
إن أسواق الطاقة اليوم لا تعكس بعد هيكل القطاع الذي تحركه التكنولوجيا. فمن ناحية، تختلف تكاليف إنتاج وتوزيع الطاقة حسب المنطقة الجغرافية. وينبغي أن تختلف الأسعار أيضاً. ويشكل تحديد الأسعار على المستوى الإقليمي، مثل التسعير القائم بالفعل في تكساس، ضرورة أساسية للقضاء على التشوهات وتشجيع الاستثمار الذي يدفع الأسعار إلى الانخفاض وزيادة الطاقة الإنتاجية.
إن تكاليف دورة حياة تكنولوجيات الطاقة أقل كثيراً من نظيراتها من الوقود الأحفوري. فبمجرد شراء لوحة شمسية أو بطارية، فإنها تؤدي وظيفتها دون الحاجة إلى إعادة تزويدها بالوقود باستخدام النفط والغاز الباهظين الثمن. ومع ذلك، فإن الأسعار الأولية قد تكون أعلى من الأنظمة غير المتجددة المكافئة، حتى في مواجهة الانخفاضات المذهلة في التكلفة. ويمكن أن تساعد صناعة التمويل في التكيف مع هذا النظام، الذي يعتبر أكثر تكلفة للشراء وأرخص بكثير في التشغيل.
ويتعين على صناع السياسات أيضا أن يسهلوا على الأسر والشركات المشاركة في نظام كهرباء موزع بشكل سليم. ولم تسهل الهيئات التنظيمية الأميركية، التي غالبا ما تنتمي إلى صناعة الوقود الأحفوري، على اللاعبين الأصغر حجما التنافس مع الشركات القائمة. ومن الممكن أيضا أن يساعد تعديل أسعار الكهرباء على أساس العرض والطلب في الوقت الحقيقي في التوفيق بين استخدام الطاقة وإنتاج الطاقة المتجددة.
يتعين على الصناعة أن تصمم استجابتها الخاصة. وهذا يعني الاستثمار في عمليات جديدة لإنتاج الفولاذ والأسمنت والزجاج والمواد التي يقوم عليها العالم الحديث.
لقد توصل علماء من جامعة إكستر مؤخرا إلى أننا تجاوزنا “نقطة تحول عالمية لا رجعة فيها… حيث تهيمن الطاقة الشمسية تدريجيا على أسواق الكهرباء العالمية”. لقد تم بناء اقتصادنا السياسي الحالي حول الموارد الطبيعية. وسوف يكون لهذا التحول تأثير عميق على هذا الهيكل.
