تدفق مئات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، بما في ذلك الآباء والأمهات مع أطفالهم على أكتافهم، إلى متنزه يونيون في اليوم الثالث من المؤتمر الوطني الديمقراطي، مما يشكل تناقضا صارخا مع الاشتباكات العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين في الليلة السابقة والتي أدت إلى اعتقال 56 شخصا.

ولعب البعض لعبة “هاكي ساك” بعد ظهر الأربعاء، وجلس آخرون على العشب في الشمس، بينما هتف قادة الاحتجاج: “العالم كله يراقب”.

وأحضر رائد شوك (48 عاماً) أطفاله من الضواحي، بما في ذلك ابنه البالغ من العمر عامين. وقال شوك، الذي ينتمي والداه إلى أصول فلسطينية، إنهم حضروا العديد من المظاهرات لدرجة أن ابنه يعرف الهتافات عن ظهر قلب.

وقال عن غزة: “يجب أن نتعامل مع إنسانية الجميع على قدم المساواة هنا وهناك. أريد أن أساعد أطفالي على التعلم من هذه التجربة أنهم يحبون دائمًا الدفاع عن حقوقهم والاحتجاج سلميًا دائمًا”.

وقد نظمت شبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وهي منظمة مجتمعية فلسطينية وعربية، المظاهرة قرب المركز المتحد. وجاءت المظاهرة في ليلة واحدة بعد مواجهة عنيفة مع شرطة شيكاغو في احتجاج غير تابع لتحالف يضم أكثر من 200 مجموعة نظمت مسيرات ومظاهرات أخرى مرخصة هذا الأسبوع.

حضرت جيل شتاين، مرشحة الحزب الأخضر للرئاسة، المظاهرة يوم الأربعاء وانتقدت استخدام الشرطة للقوة ووصفتهم بأنهم “حضور ساحق”.

وقالت في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس: “هذا ترهيب مطلق للشعب الأمريكي لإسكات احتجاجنا… وهذا انتهاك مطلق لحقوقنا الديمقراطية الأساسية”.

وقال قائد شرطة شيكاغو لاري سنيلينج يوم الأربعاء إن المعتقلين خارج القنصلية الإسرائيلية، على بعد حوالي ميلين (3.2 كيلومتر) من مركز يونايتد حيث كان الديمقراطيون يجتمعون، “ظهروا بنية ارتكاب أعمال عنف وتخريب”.

وقال سنيلينج خلال مؤتمر صحفي: “بصفتنا إدارة شرطة شيكاغو، فعلنا كل ما في وسعنا لتهدئة هذا الموقف، ولكن لا يوجد سوى قدر محدود من التهدئة التي يمكنك محاولة القيام بها قبل أن يتحول الأمر إلى تكرار مفرط”.

وقالت شرطة شيكاغو إن ثلاثين من الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة صدرت بحقهم استدعاءات بسبب سلوكهم غير المنضبط. وقالت الشرطة إن شخصًا واحدًا اعتقل بتهمة جناية مقاومة الشرطة، بينما وجهت إلى تسعة تهم جنح تتضمن السلوك غير المنضبط ومقاومة الضباط والضرب والاعتداء والتخريب الجنائي للممتلكات.

بدأت المواجهات العنيفة بين المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والضباط بعد دقائق من بدء المظاهرة، بعد أن هاجم بعض المتظاهرين – الذين كان العديد منهم يرتدون ملابس سوداء ووجوههم مغطاة – صفًا من رجال الشرطة الذين سدوا طريقهم في مسيرتهم. وفي النهاية، تمكنوا من تجاوز الضباط، لكن رجال الشرطة الذين كانوا يرتدون ملابس مكافحة الشغب حاصروهم عدة مرات طوال الليل ولم يسمحوا للمتظاهرين بالتفرق.

وقال سنيلينج إن المتظاهرين خرجوا “للقتال مع الشرطة”.

وقال سنيلينج “لم نكن البادئين بالعنف، لكننا رددنا عليه”.

وقال حاتم أبو دية، أحد مؤسسي شبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، إن مسؤولية الحفاظ على السلام تقع على عاتق الشرطة عندما سئل عن الاشتباكات بين المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والشرطة.

وقال إن الشرطة “تتحمل مسؤولية واحدة هنا، وهي عدم انتهاك حقوقنا المنصوص عليها في التعديل الأول”.

وكان أبو دية قد قاد مسيرة منفصلة يوم الاثنين لكنه لم يكن من منظمي مظاهرة يوم الثلاثاء أمام القنصلية الإسرائيلية.

وقال سنيلينج إن شخصين نُقلا إلى المستشفى مصابين بجروح طفيفة، أحدهما يعاني من آلام في الركبة والآخر مصاب بإصابة في الإصبع. وأضاف سنيلينج أن ضابطين أصيبا لكنهما رفضا تلقي الرعاية الطبية لأنهما لم يرغبا في ترك زملائهما الضباط. وقال إن ثلاثة صحفيين كانوا من بين المعتقلين، لكنه لم يذكر تفاصيل التهم الموجهة إليهم.

وقال سنيلينج “كانت الليلة الماضية خطرًا على مدينتنا وخطرًا على مواطنينا في هذه المدينة وممتلكات سكاننا. ويتعين على شرطة شيكاغو حماية ذلك”.

وكانت القنصلية الإسرائيلية موقعًا للعديد من المظاهرات منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول، وركزت الاحتجاجات خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي إلى حد كبير على معارضة حرب إسرائيل على غزة.

وفي مساء الثلاثاء، حشد المنظمون المتظاهرين تحت شعار “اجعلوها عظيمة مثل عام 1968″، في إشارة إلى الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام التي اجتاحت المدينة خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 1968.

“هذا ما جلبوه إلى شيكاغو”، قال سنيلينج. “إننا في عام 2024. وقد أثبتت شرطة شيكاغو ذلك. لذا فلنترك عام 1968. ولنتوقف عن الحديث عن عام 1968. هذا هو عام 2024”.

وقد وقعت نسبة كبيرة من الاعتقالات في نهاية الليل، حيث حاصرت الشرطة المتظاهرين في ساحة ومنعتهم من المغادرة. ونفى سنيلينج أن تكون الشرطة قد “حاصرت” المتظاهرين، وهو تكتيك يتضمن حشد الناس في منطقة محصورة، وهو أمر محظور بموجب مرسوم الموافقة الفيدرالي.

وأشاد سنيلينج، الذي حضر جميع المظاهرات الكبرى حتى الآن خلال المؤتمر، بضباطه. وقال إن بعض ضابطات الشرطة تعرضن لتعليقات “شريرة ووقحة وصريحة جنسياً” ولكنهن “صمدن على موقفهن وفعلن ما كان عليهن فعله”.

وقال “لا أستطيع أن أكون أكثر فخراً بالعمل الذي يقوم به رجال ونساء هذا القسم الآن للحفاظ على أمن هذه المدينة”.

ورفض سنيلينج الانتقادات التي وصفت رد فعل الشرطة بأنه كان ساحقا.

“لقد أردنا أن نسحقهم”، كما قال سنيلينج. “لقد أردنا أن نسحق هؤلاء الأشخاص الذين قرروا القدوم إلى مدينتنا وتدميرها. والآن، لا يعني السحق أننا كنا مفرطين. لقد كان رد الفعل متناسبًا”.

كانت أكبر مظاهرة حتى الآن، والتي اجتذبت نحو 3500 شخص يوم الاثنين، سلمية إلى حد كبير وأسفرت عن اعتقال 13 شخصا، معظمهم بسبب خرق السياج الأمني. كما تم اعتقال اثنين مساء الأحد خلال مسيرة أخرى سلمية في الغالب.

المصدر