كشفت أول دراسة أثرية في العالم لمحطة الفضاء الدولية عن كيفية تكيف رواد الفضاء مع مساحة المعيشة فيها، وهو التقدم الذي يمكن أن يساعد في تصميم الإصدارات المستقبلية من المحطة المدارية.

تعد محطة الفضاء الدولية إنجازًا بارزًا للتعاون العالمي في مجال أبحاث الفضاء، حيث كانت موطنًا لطاقم متغير من رواد الفضاء لمدة ربع قرن تقريبًا.

وتعتزم ناسا ووكالات الفضاء المتحالفة معها إبقاء محطة الفضاء الدولية طافية حتى عام 2030، وبعد ذلك من المقرر أن تلتصق مركبة سبيس إكس بالمحطة وتخرجها من مدارها بأمان إلى الأرض.

وفي الوقت نفسه، قال الباحثون إن مسوحات حياة رواد الفضاء على متن المحطة يمكن أن تساعد في تصميم الموائل الفضائية المستقبلية.

وتضمنت الدراسة الجديدة قيام كل رائد فضاء بتحديد متر مربع واحد من المحطة باستخدام شريط لاصق وتوثيق ذلك من خلال صور يومية.

المربع رقم 3 في منطقة أعمال الصيانة اليمنى لمحطة الفضاء الدولية المستخدمة في الدراسة (ناسا)

وتضمنت المواقع التي تم وضع علامات على المربعات طاولة مطبخ ومحطات عمل وجدارًا مقابل المرحاض حيث يحتفظ رواد الفضاء بمستلزماتهم الشخصية.

درس الباحثون كيفية استخدام كل من هذه المساحات على مدار 60 يومًا في عام 2022. وقال الباحثون: “حدد الطاقم ستة مواقع عينة حول محطة الفضاء الدولية وقاموا بتوثيقها من خلال التصوير اليومي على مدار فترة 60 يومًا”.

وقد قاموا بتحديد ما يزيد عن 5400 حالة من العناصر المستخدمة في محطة الفضاء وقاموا بتصنيفها حسب النوع والوظيفة.

بهذه الطريقة، وثقوا كيف يتكيف رواد الفضاء مع الحياة في ظل انعدام الجاذبية وكيف ينجح التعاون الدولي في مثل هذه الأماكن الضيقة.

توصل باحثون إلى أن مناطق معينة كانت مرتبطة بسلوكيات معينة لرواد الفضاء “على مدى فترة طويلة عبر العديد من الطواقم”.

رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية يجلبون الروح الأولمبية إلى الفضاء

تكشف النتائج عن كيفية استخدام رواد الفضاء لمساحتهم الخاصة للعمل والترفيه أثناء وجودهم في المدار.

على سبيل المثال، من خلال مقارنة الصور مع تقارير نشاط رواد الفضاء، وجد الباحثون أن المنطقة القريبة من معدات التمرين والتي لم تكن مخصصة لغرض معين كانت تُستخدم لتخزين مستلزمات النظافة وجهاز كمبيوتر نادر الاستخدام.

كانت هناك منطقة أخرى مخصصة لصيانة المعدات، بدت مهجورة ولم يكن يتم فيها أي نوع من العمل تقريبًا. بل كانت تُستخدم بدلاً من ذلك لتخزين “جميع أنواع العناصر”.

وكتب العلماء: “يجب على مصممي محطات العمل المستقبلية في الفضاء أن يأخذوا في الاعتبار أنهم قد يحتاجون إلى تحسين وظائف أخرى غير العمل، لأنه في معظم الأحيان، قد لا يكون هناك أي عمل يحدث هناك”.

صورة مقطوعة من مقطع مداري أمريكي لمحطة الفضاء الدولية تظهر مواقع الدراسة المربع 3 والمربع 5 (ناسا)

وتشير الدراسة إلى أن مصممي محطات الفضاء المستقبلية قد يكونون قادرين على تحديد تصميماتها الداخلية بشكل أكثر مرونة لتحسين استقلالية الطاقم طوال حياتهم.

وبحسب الدراسة، قال أحد رواد الفضاء: “كنا طاقمًا منظمًا إلى حد كبير وكنا أيضًا على نفس الصفحة تقريبًا بشأن كيفية القيام بالأشياء”.

“مع مرور الوقت، قمنا بتنظيم المختبر وأصبحنا على نفس الصفحة فيما يتعلق بالمكان الذي نضع فيه الأشياء وكيف سنفعل الأشياء.”

وتظهر الأبحاث أيضًا أنه يمكن تكييف التقنيات الأثرية التقليدية لدراسة الموائل المتطرفة التي يسكنها البشر، مثل محطات الأبحاث في القارة القطبية الجنوبية أو قمة جبل إيفرست.

قال جوستين والش، أحد المشاركين في الدراسة من جامعة جنوب كاليفورنيا: “علم الآثار لا يقتصر على الماضي البعيد فحسب. بل يتعلق أيضًا باستخدام الأشياء والتحف والمساحات المبنية والهندسة المعمارية كدليل أساسي على كيفية تصرف البشر وتفسيرهم وتكيفهم مع العالم من حولهم”.

وقال الدكتور والش “إن علم الآثار له مكان في الفضاء”.

المصدر