تشكل زيارة الرئيس المصري السيسي إلى أنقرة هذا الأسبوع نهاية لخلاف استمر أكثر من عقد من الزمان مع تركيا. (جيتي)

سبقت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا بعد خلاف مع أنقرة استمر لأكثر من عقد من الزمان ترتيبات أمنية مشتركة للحد من الانتقادات المحتملة من قبل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية المنفية.

وقال مسؤول أمني مصري لصحيفة “العربي الجديد” شريطة عدم الكشف عن هويته لكونه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: “لقد صدرت أوامر واضحة لقادة الإخوان المسلمين بالتزام الصمت بشأن السيسي والزيارة وإلا فإنهم سيواجهون عواقب وخيمة”.

وقال المصدر إن “السلطات التركية هددت حرفيا بإلغاء إقاماتهم وسحب الجنسية التركية منهم وترحيلهم إلى دول لا تقبلهم”.

وذكر المصدر أن أجهزة الاستخبارات في البلدين كانت تنسق الزيارة منذ أسابيع لضمان عدم وجود أي تدخل يمكن أن يقطع العملية أو المفاوضات الثنائية.

وكانت الزيارة التي استمرت يومين، واختتمت الخميس، هي الأولى للسيسي منذ توليه منصبه في عام 2014 بعد الانقلاب الذي قاده كوزير للدفاع المصري في عام 2013 ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، والذي لاقى إدانة تركية.

وامتنعت القنوات التلفزيونية التي تبث من تركيا ويديرها مصريون في المنفى الاختياري عن ذكر الزيارة، بينما اكتفت بعضها بالإشارة إلى أهميتها، رغم أنها انتقدت سياسات الحكومة المصرية دون الإشارة إلى السيسي بالاسم.

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معروفًا بعلاقاته القوية مع جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها مصر قانونًا على أنها “جماعة إرهابية” منذ ديسمبر 2013، ويشاركهم في معتقداتهم السياسية والأيديولوجية.

المصالح المتقاربة

“حتى سنوات قليلة مضت، لم يعترف أردوغان علناً بالسيسي كرئيس شرعي لمصر، وكثيراً ما وصفه بـ “القاتل”، بعد صدور حكم الإعدام على عدد من قادة الإخوان المسلمين”، بحسب محلل سياسي متخصص في الجماعات الإسلامية، لوكالة الأناضول.

وأضاف المحلل الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسية السياسية للموضوع: “لكن في نهاية المطاف، تخلى أردوغان عن مثل هذا الخطاب العدائي، وأشار إلى السيسي باعتباره ‘الأخ’، بدلاً من ذلك، عندما سادت المصالح وأصبحت أكثر أهمية بالنسبة له”.

خلال الزيارة القصيرة، وقع وزراء من البلدين 17 اتفاقية تعاون في عدة مجالات بما في ذلك الدفاع والأمن والثقافة والتجارة والسياحة، واتفقوا على رفع الاستثمارات المشتركة من 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار.

في أعقاب انقلاب عام 2013، فر الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الشخصيات المعارضة من مصر، ووجدوا ملجأ في تركيا، حيث عُرض على العديد منهم الجنسية التركية أو الإقامة.

وقد قام العديد منهم، سواء كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو متعاطفين مع الجماعة أو منتقدين للنظام بشكل عام، بتشغيل قنوات تلفزيونية تبث من تركيا واستخدموها كبوق لانتقاد السيسي وسياساته.

وتعرضت مثل هذه المحاولات لإدانة متكررة من قبل متصيدي وسائل التواصل الاجتماعي في مصر وكذلك وسائل الإعلام الموالية للنظام.

وعلى مر السنين، نجحت الدولتان في حل خلافاتهما، حيث تعتبر كل منهما قوة إقليمية مؤثرة.

وفي عام 2021، ورد أن الحكومة التركية أمرت القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية التي تبث من تركيا بتخفيف انتقاداتها للسيسي. وبعد عامين، اعتُقل نحو 50 مصريًا، بما في ذلك شخصيات معارضة، بسبب إقامتهم في تركيا دون تأشيرة.

استعادت مصر وتركيا العلاقات بينهما قبل عام، وأعادتا تعيين سفيرين في أنقرة والقاهرة.

وفي عام 2021، ورد أن الحكومة التركية أمرت القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية التي تبث من تركيا بتخفيف انتقاداتها للسيسي.

ولكن ربما كان ذلك عندما تصافح الرئيسان على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في الدوحة عام 2022 في إشارة إلى التقارب المقبل.

وفي أعقاب زيارة أردوغان لمصر في فبراير/شباط الماضي، والتي كانت أيضًا الأولى له في عهد السيسي، ألغت تركيا جنسية القائم بأعمال زعيم جماعة الإخوان المسلمين محمود حسين وعلقت جواز سفره التركي. لكن السلطات التركية نفت أن تكون زيارة أردوغان لمصر لها أي علاقة بالقرار.

في غضون ذلك، يرى المراقبون أن الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ قرابة 11 شهراً على غزة هو أحد القوى الدافعة الرئيسية وراء التقارب الأخير بين القاهرة وأنقرة، نظراً لأن كلا البلدين يسعيان إلى تعزيز نفوذهما في المنطقة.

وتسعى الدولتان إلى إيجاد سبل لإنهاء الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، والذي يوشك أن يدخل شهره الثاني عشر على التوالي.

المصدر